الوعي الحقيقي... والوعي الزائف!!
الوعي هو حالة من حالات العقل المتجلية وتتمثل في تلك العملية الذهنية التي تجعلنا ندرك ادراكاً كاملاً للواقع الذي نعيشه بكافة معطياته وابعاده ، وللحقائق المقرونة بذلك من حولنا سواء كان هذا الواقع ملموس او محسوس وكل ما يرتبط الانسان بمحيطه ، وتلك العلاقات الاجتماعية والانسانية التي تعيش هذا الواقع بكل تفاعلاته وتأثيراته كالغضب او الفرح ، والعلاقات الشخصية والاجتماعية والاسرية ، وهو ما يجعل الانسان اكثر قدرة على اجراء التقييم والمقاربات والمقارنات وبناء عليها يتخذ القرارات الحاسمة على ضوء هذه المعطيات ، وقرار اتخاذ الموقف الذي يقتنع به وقد يكون هذا الوعي وعياً حقيقياً عندما تكتمل الصورة والقناعة في عقل الانسان اكتمالاً تاماً ويكون قد الم بكامل الحيثيات الصحيحة ، وقد يكون الوعي زائفاً عندما تكون الرؤى قاصرة والتصور محدود وضبابي ومبهم ، خاصة عندما لا تتوفر المعلومات الصحيحة بشكل كافٍ او بشكل خاطئ ومدبلج بسبب وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنها التواصل الاجتماعي باشكاله وانواعه ، هذا يؤدي الى تكوين وعي زائف.
يضاف الى ما يلعبه الاعلام الجماهيري عند عامة الناس سواء حراكات او وقفات احتجاجية او عبر وسائل الاعلام المختلفة في نقل صور متضاربة من التصاريح والمقابلات المؤججة للموقف ، ولا ننسى ان هناك شخصيات سياسية واجتماعية قد تم تهميشها تصعد من هذا الوعي الزائف ، لغايات اللجوء اليها بالتهدئة لاعادة مكانتها السياسية او الاجتماعية او مصلحة معينة او خدمة اطراف اخرى سواء داخلية او خارجية حتى وان كان ذلك على حساب امن واستقرار الوطن ، كما حدث في كثير من الدول العربية المجاورة حيث كان لموقف كثير من الشخصيات ثمن قبضه خارج وطنه اي ان هناك حالات مبهمة ومعقدة في المعادلة السياسية الاجتماعية حيث ان هذا يشكل رأياً عاماً واجماعاً على موقف واحد .
من ذلك يتبين ان الوعي هو منتوج فكري يعتمد على جمع وقراءة وربط وتحليل وتقييم المعلومات والمعطيات المتدوالة والتي يستقيها الانسان عن طريق حواسه الادراكية ، او عن طريق مع يقدم له من معلومات واتجاهات تؤثر فيه فينتج سلوكا اما ايجابيا او سلبيا .
لكن هل لدى الجهات الرسمية استراتيجية لصناعة الوعي الوطني اي وضع آليات يتم من خلالها توعية المواطنين بالمعلومات الصحيحة وازالة الضبابية وتعزيز الولاء والانتماء واستنساخ عقل وطني لمنتج اجتماعي يتغلغل بالمجتمع ، فهناك علم النفس الاعلامي ينضوي تحت جناحيه مفهوم تكوين الرأي العام وصناعة قادة للرأي مؤثرين ، والتغلغل بالمؤسسات التعليمية والدينية وتفعيل الهيئات الاهلية جمعيات واندية ومراكز وغيرها لتكوين وعي وطني وغرس التصورات في اذهانهم لابعادهم عن الانحراف ، فهناك مقومات للتفكير والتحليل والادراك وتوفير المعلومات لربط الامور بعضها ببعض للخروج بموقف واحد ازاء ما يحدث لا ان تترك الامور فقط للحلول الامنية التي لا تزيد من الامر الا صعوبة وتأزماً ، فهناك العديد من الحلول لمواجهة هذه الازمات والمتغيرات لكنها تحتاج الى جلسات تشاركية وبحاجة الى قرار سياسي وفعلي وتنفيذي وليس وعودا وضبابية في الموقف.
الدستور -