الرزاز والقطاع العام
منذ اليوم الاول لدخول الدكتور عمر الرزاز الدوار الرابع، والرجل يحمل في عقله مخططا من نوع ما تجاه القطاع العام كماً وكيفاً.
ولطالما سمعنا ان حجم القطاع العام وكلفته السنوية «رواتب وتقاعد» بات هو سبب ازمتنا الاقتصادية وان التوسع في القطاع اثناء سنوات الربيع العربي «شراء الولاءات» كان طامة كبرى علينا.
هذه الحجج صحيحة نسبيا، لكنها ليست العامل الواحد المسبب لأزمتنا، والاهم ان اعادة تنحيل القطاع العام مسألة ليست بالعملية السلسة، وتداعياتها ستكون اجتماعية بامتياز.
الرزاز انتظر اليوم ليبدأ بعملية التخسيس للقطاع العام، ولعله يختار اوقاته المناسبة لذلك، فها هي القرارات تأتي من الرابع لتتحدث عن الاستغناء عن خدمات الآاف من القطاع العام.
طبعا التبرير، ترشيقي، يقوم على قرارات جديدة، تعطي مهلة زمنية لإحالة كل موظف في القطاع العام أمضى في الخدمة 30 عاما فأكثر قسرا على التقاعد مقابل امتيازات خاصة من بينها زيادتان سنويتان وتدرج إداري.
كما يتضمن أحقية كل موظف خدمته 25 سنة، بالحصول على نفس الامتيازات في حال قرر التقدّم بطلب إحالته على التقاعد، ويخفف القرار حسب الأرقام نحو ثمانية آلاف موظف من القطاع العام في وجبته الأولى.
الظاهر في القرار جيد، ترشيقي، لكن لابد من اجراء الحسابات عليه بدقة وتأن، فمعظم موظفي القطاع العام يأتون من مناطق قواعد دعم النظام، واخشى ان القرارات ستؤجج الغضب والحراك.
هناك توقيتات اخرى لمثل هذا القرار، فنحن مقبلون على استحقاقات كبيرة، نحتاج لعبورها هدوءا داخليا، وجبهة جوانية اكثر تماسكا
واقل غضبا.
بين الترشيق والتنحيل، هناك فرق كبير، وانا شخصيا اميل الى ان الدكتور الرزاز يحمل مشروع التنحيل في الاساس الذي قد تكون من اعراضه حالة الترشيق.
ولعلي اذكر مرة اخرى ان القطاع العام الاردني ليس مجرد جهاز اداري، انه جزء من الهوية والنخبة والاقتصاد، والتلاعب به لن تكون عواقبه هينة
او سهلة المرور.
السبيل- الخميس 27/يونيو/2019