تصريحات «الكبار» تخالف أفعالهم
قمة مجموعة العشرين التي عقدت على مدى يومين في مدينة أوساكا بغرب اليابان تجاهلت اكبر موضوعين رئيسيين يؤثران على نمو الاقتصاد العالمي، الاول الحرب التجارية المفتوحة بين الولايات المتحدة الامريكية والصين، والثاني العقوبات الامريكية على ايران حيث يسعى ترمب وإدارته لتصفير صادراتها النفطية، وانخرط الرئيس الامريكي في تصريحات لا تتوافق مع سياساته الاخيرة حيال الصين وايران ودول اخرى، وتحدث عن تعديل المعاهدة الامنية مع اليابان التي أبرمت قبل عقود التي وصفها ترمب بأنها تكلف الاقتصاد الامريكي كثيرا، ومر بابتهاج على العلاقة مع كوريا الشمالية، واللقاء المرتقب مع الرئيس كيم، وتحدث بإيجابية عن الصين وإمكانية الوصول الى اتفاق تجاري مع بكين واعتبر العلاقة مع روسيا اكثر من جيدة.
بدورها المانيا وفرنسا وبريطانيا اتفقت على بذل جهود كبيرة لإلغاء العقوبات الامريكية على طهران ورسمت خطة لزيادة المبادلات التجارية، وروسيا اعتبرت العقوبات غير مقبولة، اما الصين اكدت بدورها الاستمرار في الاعتماد على النفط الايراني، اي ان جل السياسات العدوانية الامريكية تفشل الواحدة تلو الاخرى باستثناء العربدة في المنطقة العربية لاسيما في الخليج العربي، حيث تفتعل الازمات وترحل معظم كلفها على المال العربي.
ورشة البحرين التي انعقدت وانفضت بدون إنجاز، المتابع لتحليلات كبريات الصحف الغربية يصاب بالذهول فالتندر على الورشة ونتائجها المخيبة لامال لإدارة ترمب كوشنر ونتنياهو، اما الاسطونات التي اطلقها اشباه صحفيين عرب وصهاينة ساهمت في فضح الاهداف الظالمة للورشة المشؤومة وصفقة القرن التي ولدت ميتة، فالمواقف الفلسطينية والاردنية والكويتية وعدد من الدول العربية كانت شديدة الوضوح حيال المؤامرة التي تهدف تصفية القضية الفلسطينية ومحاولة استبدال الاراضي الفلسطينية المباركة بأموال سحت.
من قمة مجموعة العشرين الى الحرب التجارية المفتوحة، الى العقوبات الامريكية على ايران وصولا الى قضية فلسطين وغير ذلك، فالثابت ان اللون الرمادي هو السائد في العلاقات الدولية الثنائية والمتعددة الاطراف، فالدول تقيس مصالحها وشعوبها بدقة إذ ترسم سياساتها وفق تلك المصالح باستثناء بعض الدول العربية فهي تفتقر لسياسات تتفق مع مصالحها وشعوبها، حيث سرعان ما تبدل اولوياتها وسياساتها كما يراها الآخرون الذين نصبوا انفسهم حراس العالم، فمئات المليارات التي هدرت وملايين الارواح التي زهقت بعيدا عن التنمية الحقيقية ارتدّت على دول المنطقة العربية وشعوبها، ودفعتها الى الوراء سنوات وعقودا.. المصالح القُطرية والقومية غائبة عن هذه السياسات بينما ينفذ الشرق والغرب سياسات مفهومة واهدافها واضحة برغم رمادية المواقف في المؤتمرات واللقاءات.
الدستور -