خدمة العلم والتأمين ضد البطالة

اذكر قرارا واحدا – اھم قرار – سوف تتخذه لو كنت رئیسا للوزراء؟ تم توجیھ ھذا السؤال لعدد من الفعالیات السیاسیة في اطار برنامج سیتم بثھ على موقع عرمرم الالكتروني الذي یبث برامج استقصائیة وحواریة شدیدة المھنیة. السؤال یمثل تحدیا حقیقیا أمام أي شخصیة سیاسیة فمن السھل انتقاد الحكومة ومن السھل تقدیم مطالبات لكن من الصعب تقدیم مقترحات ملموسة بدیلة لما تقوم بھ الحكومة. المقابلات شملت دزینة من الفعالیات ولا أدري بماذا أجابوا ولكني شخصیا شعرت بتحد حقیقي أن أختار قضیة واحدة تتخذ الحكومة فیھا قرارا یمكن ان یكون لھ أثر مستقبلي استراتیجي. وكان قراري ھو اقتراح تطبیق خدمة العلم بالتزامن مع نظام تأمین شامل ضد البطالة. شرحت طبعا لماذا ھذا الخیار وصلتھ بأكثر التحدیات ضغطا علینا وھي البطالة ومستقبل الشباب وحال الاقتصاد وثقافة المجتمع وأوضحت آلیة التطبیق التي یجب ان تكون خلاقة ومرنة تحقق الغایات المرجوة وھذا التطبیق سیلزمنا بقرارات اخرى في مجالات أخرى تضع الكثیر من المؤسسات والقطاعات أمام مسؤولیات لكي تكتمل الحلقة التي تجعل القرار تنمویا ونھضویا بامتیاز. والعمل بقانون خدمة العلم قائم طبعا، لكن ھناك تأجیل متجدد باستدعاء الأجیال للخدمة یجعلھ غیر موجود عملیا. ربما ستقف معظم الأسر الأردنیة ضد القرار لأنھ یعطل مسیرة أبنائھم لكن عندما نقول لھم إن تأجیل الخدمة سیطبق على كل من ھو على مقاعد الدراسة او یمارس وظیفة أو عملا وعندما یعلمون ان التدریب العسكري سیكون لشھر واحد او اكثر قلیلا یحال بعده المجند إلى عمل ما او إلى التدریب المھني اذا لم یكن لدیھ شھادة او تخصص محدد وسیقبض في الاثناء راتبا یخفف العبء المادي عن اھلھ والنفسي علیھ، واذا علموا ایضا ان كل من یجد وظیفة مناسبة أو یذھب للعمل او الدراسة في الخارج یحصل على تأجیل لبقیة المدة المترتبة علیھ فأعتقد أن الأسر ستجد الأمر معقولا ومقبولا. ھذا الكم من الید العاملة یشكل خزانا لرفد سوق العمل بكلفة متدنیة تساھم

بھا الدولة لكن السوق سوف یستوعب جزءا متواضعا وھنا یجب التفكیر في الاقدام على المشاریع الكبرى بإشراف وشراكة من القوات المسلحة التي تقدم ادارة حازمة ومنضبطة ویدا عاملة تخفف من كلفة رأس المال. ھذا القرار سیتیح على الجبھة الأخرى تطبیق تأمین شامل ضد البطالة فكل شاب فقد وظیفتھ او لا یجد عملا یحق لھ تلقي تعویض معین وكان الرأي الحكومي دائما ان ھذا سیشجع على التعطل لكن الآن فإن المتعطل سیجد بانتظاره خدمة العلم التي تشمل كل من لیس على رأس عملھ او دراستھ وراتب خدمة العلم سیكون مساویا لراتب التأمین ضد البطالة وعلیھ فلن یذھب إلى التأمین ضد البطالة سوى أناس فقدوا وظائفھم واعمالھم وفي سن متقدمة لا تطبق علیھم خدمة العلم وبالمناسبة یمكن ادراج ھذا التأمین ضد فقدان العمل في قانون الضمان الاجتماعي. لا أحتاج للكثیر من التنظیر للمشروع في ظل الارتفاع المطرد للبطالة (تجاوزت 19 (% وفشل الحكومات في تخفیضھا والحالة المخیفة للشباب الذین تقذف بھم الجامعات سنویا اضافة إلى الاعداد التي ترسب بالتوجیھي أو لا تحصل على معدلات لدخول الجامعات. فنحن الآن في قلب أزمة اجتماعیة – اقتصادیة خطیرة. الرئیس طرح الفكرة مبدئیا لكنھ خیب أملنا إذ عاد فحجمھا كلیا إلى مشروع التدریب المھني الموجود اصلا.

الغد - الجمعة 12-7-2019