رسالة الى نتيناهو حول الحمض النووي الفلسطيني

مظاهرات اليهود الاثيوبيين " الفلاشا " الذين هتفوا بحياة الفلسطينيين نكاية بالعنصرية الصهيونية التي خدعتهم واوهمتهم بالسمن والعسل والذين وثقوا الآن أنه جيء بهم ليكونوا عبيدا لليهودي الاشكنازي الابيض .. هذه المظاهرات العنيفة كشفت زيف هذا الكيان المسخ الذي غرد رئيس وزرائه قبل ايام عن اصول الفلسطينيين متحدثا هذه المرة عن حامضهم النووي .

قال رئيس وزراء الكيان : إن فحوصات الحمض النووي التي اجريت مؤخرا كشفت بان الفلسطينيين القدماء لا تعود اصولهم لهذه المنطقة ، بل لجنوب اوروبا ، محاولا حرف القضية الفلسطينية من سياسي يتمثل في احتلال ارض وتشريد شعب من قبل رعاع قدموا من بولندا - والد المذكور أحدهم - الى تاريخي انثربولوجي Anthropology كما علقت السلطة .

جاءت هذه التغريدات عن اصول الفلسطينيين محاولة لتثبيت وهم صهيوني قديم بعد أن سرق الكيان كل الأرض الفلسطينية ، ليلحقها - تدريجيا - بكل الفلكلور الفلسطيني ، ليس بدءا من الأثواب المطرزة الفلسطينية الكنعانية التي باتت ترتديها مضيفات شركة " العال " .. ولا مرورا بـ" الفلافل " و" الزعتر" و"الفول" الذي يقدم للسواح وللعالم على أنه من تراث هؤلاء ولا الروايات والقصص الشعبية الفلسطينية والدبكة واليرغول والالحان الفلكلورية مثل زريف الطول ، ودلعونا ، وجفرا ، ولا انتهاء بالاعشاب البرية والنباتات والازهار ، ونتذكر كيف أنهم يشاركون في مهرجانات الطعام الدولية ، ويقدمون فيها " المسخن" و"المفتول " على أنهما من تراث اليهود ، ناهيك عن الفخار والادوات النحاسية و "صندوق العروس" و" الحنة " وكل ما يخطر ببالك من فلكلور فلسطيني عريق .

ومنذ احتلال الصهاينة لفلسطين في العام 1948 بتواطؤ دولي ، ما انفك الكيان يحاول - بلا جدوى - خلق ثقافة خاصة به تكون قاعدة لتوحيد شذاذ الآفاق هؤلاء ، مع حقيقة أن محاولة خلق ثقافة موحدة لهم ليس صعبا فقط وإنما هو أمر مستحيل ، وذلك - وباختصار - : لأن اليهود الغربيين الذين قدموا من اوروبا الشرقية " الاشكناز " سيطروا على مفاصل الكيان لكونهم أول من عقدوا المؤتمر الصهيوني الأول في بازل السويسرية في التاسع من آب عام 1897 بزعامة تيودور هيرتزل ، وبالتالي فإنهم يعتبرون أنفسهم الأسياد المؤسسين : فهم من ثبتوا بالتآمر مع الغرب والشرق دعائم الكيان السياسي بعد النكبة ، وهم من رسموا بأدق التفاصيل شكله ونظامه وما سوف يكون عليه لاحقا ، وكنتيجة حتمية ، اعتبروا " السفارديم " أو اليهود الشرقيين مواطنين من مرتبة أقل في مستوى الثقافة والرقي " الاوروبي " لكون السفارديم قدموا من منطقة محسوبة على العالم الثالث ، فما بالكم بيهود أفارقة كان الممرضون يرشونهم بالمعقمات في المطار قبل أن تطأ اقدامهم " أرض الميعاد " ومنهم هؤلاء الفلاشا المنبوذون .

ليس مستغربا ولا مفاجئا أن يقول نتنياهو ما قال ، ويلجأ إلى الحمض النووي ، وهو الذي لو حكمت عليه الانثربولوجيا لأخرجته وابناء جلدته من الصهاينة، ولا نقول اليهود ، من مكانة البشر إلى حظيرة الخنازير وأبناء القردة والأفاعي .

ونذكر هذا المسخ اللص المتهم بالفساد : إن الكنعانيين وابناءهم الفلسطينيين لا يشهد لهم التاريخ فقط بامتلاك هذه الأرض ، بل يشهد لهم - إن شئت - عهدك القديم نفسه الذي سجل أن العبرانيين قدموا الى هذه الأرض بينما كان الكنعانيون يقطنونها قبلهم بـ 11 الف سنة ، ولهذه تفصيل بعد قليل .

كما ونذكره ومن هم على شاكلته ممن خدعتهم مزاعم أن الفلسطينيين قدموا من البحر وأنهم ليسوا اصحاب الارض الاصليين ، بأن حكم الكنعانيين امتد الى غرب المتوسط ووصل الى حدود الاطلسي ، ولم ينحصر فقط في الشرق والجنوب والشمال ، ليدل هذا بالقطع على أنهم ليسوا محصورين في بقعة ما بين غرب الاردن وبلاد الشام والمتوسط ، بل إن شعوب غرب المتوسط مختلف في أصولها أصلا ، ولا نرغب في أن نجعل من هذه المقالة بحثا تاريخيا ، ولا أن نستدل على هذا التأريخ بالعهد القديم لاختلاف معاني أسماء الأعلام والمدن ، كعدم الوثوق في أن مدينة " س " التاريخية هي نفسها مدينة " ص " المعاصرة ، ولكننا نستدل به عن الفلسطينيين بما ورد نصا غير قابل للتأويل ، حيث يقول : " وفي صحراء سيناء كلم يهوه موسى قائلا: أرسل رجالا ليتجسسوا ارض كنعان . عدد 13/1".") ...

وأيضا : ( وأرسل جماعة ليتجسسوا أرض كنعان. وقال لهم: أنظروا إلى الارض، والشعب الساكن فيها، أقوي هو أم ضعيف ؟ قليل أم كثير؟ وما هي المدن التي هو ساكن فيها؟ أمخيمات أم حصون؟ عدد 13/17". ) ..

وإن قال قائل بأن الحديث هنا عن الكنعانيين ، فإننا نقدم تاليا نصا بالفلسطينيين وتقصدنا هذه النصوص لنعود من حيث بدأنا ، وبرغم ذلك سنتساوق مع هذا الاعتراض ونورد نصا عن الفلسطينيين بالذات لنقطع كل حديث مفترى .. " فقد اورد العهد القديم ما يلي : ( تغرب ابراهيم في أرض الفلسطينيين أياما كثيرة) . تكوين21/34"...

فإذا كان ابراهيم عليه السلام ، الذي هو والد اسحاق ويعقوب قدم الى أرض" الفلسطينيين " وتغرب فيها فأي شاهد يرغب به الراغبون أقوى من هذا الذي اوردناه ومن العهد القديم نفسه الذي احتج به النتن ياهو حينما عرج على اسم احدى المدن .. ؟؟

ونختم بسؤال نتنياهو : كم عمر بولندا التي ولد فيها أبوك ؟؟ ..

تقول كل المعطيات التاريخية بأن أول ما عرفت فيه بولندا كان في العام 1034 ميلادية ، وأنها باتت ملحقة بالدولة الرومانية عام 1163ميلادية ، هذا اذا افترضنا أن اباك بولندي ممتد تاريخيا الى نشأة شعب هذه الأرض مع أننا نشك في نسبك لعدم وجود الدليل ، ولسبب وجيه آخر ، ونحن هنا لا نناكف ، وهو أن أباك جاء الى فلسطين مهاجرا متشردا ولا يعلم أحد عنه شيئا ، و إن جد جدك لو افترضناه بولنديا "متسلسلا " فإن تاريخه لم يتعد 985 سنة ، وسقنا هذا المثل لنذكرك بما قلنا آنفا إننا سنفصله لك بعد قليل ، وهو أن اقدم مدينة في التاريخ هي مدينة كنعانية تعود لـ 11ألف سنة قبل الميلاد ، وكانت مدينة مزدهرة ولغاية القرن الحادي والعشرين فإن كل المؤرخين ارجعوها الى العصر الحجري الحديث ، أي قبل ان يتشكل الحامض النووي لجدك الاعلى بحدود 11 ألف سنة ، كما ونذكرك بأصل تسمية أريحا وأنه اسم " سامي " وتعني باللغة الكنعانية " القمر " وفعله " يرحو " ومعناه " القمر " في لغة جنوب الجزيرة العربية .. وهو ما يثبت عروبة هذه الأرض وكنعانيتها وفلسطينيتها وحثيتها ويبوسيتها .

لجأ الى الحمض النووي فأجبناه كمثقفين استدلاليين بعيدا عن السياسة ، بل إننا نحذر السياسيين من الوقوع في فخ النقاش التاريخي ، لأن قضيتنا مع هذا النتن هي قضية وطن اغتصب وشعب شرد من قبل عصابة يرأسها الآن شخص قدم ابوه من بولونيا .

ونختم ونقول : ابحث ايها الغبي في أي محرك بحث واكتب : اقدم مدينة في التاريخ ..

ستفقأ عينيك أريحا الكنعانية التي ولدت في العصر الحجري .

اريحا "الفلسطينية " ايها النغل !.