ترمب وقانون البحار
عاد ترمب ليؤكد ان حماية الممرات المائية في الخليج العربي ليس مسؤولية امريكية؛ مبررا ذلك باكتفاء امريكا الذاتي من الطاقة في حين ان الصين تعتمد في وارداتها على الخليج العربي بنسبة 64% اما اليابان فتعتمد بمقدرا 24%، علما بأن الرئيس الصيني طالب ولي العهد الاماراتي بخفض التوتر في الخليج العربي واللجوء الى الحوار، اما اليابان المنشغلة بالحملات الانتخابية البرلمانية فغير معنية بالانخراط في تكتلات بحرية مكتفية بإرسال فرقاطة للمراقبة.
اوروبا لا تقف بعيدا عن الموقف الصيني، فرغم الجهود التي يبذلها المسؤولون الانجليز لإقناع نظرائهم الاوروبيين بتشكيل قوة بحرية اوروبية لحماية الممرات البحرية في الخليج العربي، الا ان الدول الاوروبية لا تأخذ الجهود البريطانية على محمل الجد خصوصا ان بريطانيا تدير مفاوضات سرية مع طهران بحسب ما كشفته المصادر الايرانية، والاهم من ذلك ان اختيار بوريس جونسون رئيسا لوزراء بريطانيا سيفاقم ازمة انجلترا مع الاتحاد الاوروبي ودوله، فحالة التفسخ والتفكك في العلاقات الاوروبية لا زالت في ذروتها خصوصا مع بريطانيا.
المحاولة الاخيرة لتشكيل تحالف بحري تقوده السعودية في البحر الاحمر عبر الدعوة لاجتماع الدول المطلة على البحر الاحمر الذي تنظمه السعودية؛ فالملك سلمان بن عبد العزيز دعا دول البحر الاحمر للتعاون في تأمين البحر الاحمر من التهديدات الامنية؛ امر سيبقى محل جدل خصوصا ان هناك تصارعا بين دول البحر الاحمر يفوق التعاون الذي تشهده العلاقات الارتيرية السودانية وكذلك الحال
مع جيبوتي.
أمن الممرات البحرية ينظمه قانون البحار وهو امتداد للقانون الدولي وشرعيته التي يستهتر بها الرئيس الامريكي ترمب ويتعامل معها كقائمة طعام يأخذ منها ما يعجبه ويترك ما لا يعجبه كما صرح احد المسؤولين الاوروبيين في انتقاده لموقف ترمب من القانون الدولي؛ فأزمة الممرات البحرية نتاج للاستهتار الامريكي بالمعاهدات والاتفاقات وعلى رأسها الاتفاق النووي 5+1 فترمب يفكك ويخلخل قواعد القانون الدولي دون ان يقدم بديلا مقبولا؛ الامر الذي يجعل من امكانية تشكيل تحالفات كبرى مسألة غاية في الصعوبة وهو ما يواجهه دعاة تأمين الممرات البحرية اليوم فالعالم يتغير، والفاعلون يبحثون عن موقف صيني وهو الامر المستغرب.
السبيل - الخميس 25/يوليو/2019