4 توائم مقدسيات تفوقن وهن المحتلات!
تحت الاحتلال يحدث كل شيء، اعتقال على الحواجز من البيوت والمدارس والدكاكين، في أي وقت، عند الفجر، في منتصف الليل وفي عتمة النهار الذي بدأ ذات 1967 حيث احتل الاسرائيليون بقية فلسطين، بدأ ولم ينته. تغيب الشمس كل يوم ولم يغب المحتل، بدباباته وجنوده ومجنداته و..بالخوف المتجذر في أعماق ذاته. شعور السارق بسرقته والمذنب بذنبه والقاتل بفشله في اخفاء جثة ضحيته.
الضحية الفلسطيني يُقتل ألف مرة لكنه لا يموت. والقضية الأولى ترفض أن تموت. تصر على أن تبقى قضية العرب الأساسية مهما زاغت الأبصار وعميت البصيرة. ومن يعتقد غير ذلك واهم أو مغررٌ به. فلولا التآمر الدولي لما قامت «اسرائيل». الغرب، بعضه أراد التخلص من اليهود فوعدهم بـ «وطن قومي» في فلسطين، فأقامه لهم وألقى بأهلها في صحراء الشتات. وبعضه آمن بالمقولة الصهيونية أن المسيح لن يقوم الا اذا تجمع اليهود في مهد المسيح وهؤلاء هم اتباع الصهيو مسيحية؛ ما يعطي للدعم الغربي اللامحدود لاسرائيل بعداً دينياً أساسياً. وليس أدل على ذلك من اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لاسرائيل باعتبارها «عاصمة دينية لليهود أولاً، وثانياً أنها مركز الحكومة الاسرائيلية « على حد زعمه.
الفلسطيني المحتل استخدم كل الاسلحة في الدفاع عن قضيته من البندقية الى السكين الى الصدر العاري الى الحجر العادي. من الصرخة في وجه جندي مذعور الى «الشبشب» – النعال - ترفعه امراة عجوز على ضابط « اطلع من هون هاي أرضي ومش طالعة منها «، الى رجل بكوفية بيضاء وسمراء من عمر النكبة يجلس على كرسي قديم على مقهى الحارة يمر أمامه جنود مدججون بالسلاح وبالكراهية، ينظر اليهم بطرف عينه ثم يواصل أخذ نفس عميق من سيجارته التي تبغها من الأرض ويواصل الانتظار على ناصية الأمل مدركاً أنهم عابرون وهو المقيم الأبدي.
الفلسطيني لا يعيش في الماضي بل يستمد منه حقيقة الحاضر وحتمية المستقبل. يتسلح بالآيمان، بالجمال والحضارة وبالعلم.
«أم طوبة» قرية فلسطينية صغيرة على بعد 5 كلم من القدس حاضنة الأقصى ومسرى الرسول «صلى الله عليه وسلم» جنوباً و2 كلم شمال بيت لحم مهد المسيح عليه السلام. عدد سكانها لا يتجاوز 4 آلاف نسمة. شهدت الأسبوع الماضي ظاهرة تجلى فيها سلاح العلم ومكانة المرأة في المجتمع الفلسطيني.
فقد حققت التوائم الأربعة من القرية : دينا، ديما، سوزان، ورزان، مرعي شنيطي، حُلم عائلتهن بالتفوق في دراستهن، وحصلن على معدلات عالية في امتحان الثانوية العامة لهذا العام، بعد أقل من عام على إتمامهن حفظ القرآن الكريم كاملاً.
حصلت دينا وهي أكبر التوائم بلحظات عن بقية شقيقاتها، على معدل 93.9 بالمائة، أما ديما الأصغر قليلاً فقد حصلت على معدل 92.1 بالمائة، والتوأم الثالث سوزان حصلت على 91.4 بالمائة، بينما حصلت رزان التوأم الأصغر على 91.1 بالمائة.
بعد انضمام التوائم الأربعة لعائة مكونة من اثنين من الأبناء وأربع بنات عام 2001 أصبح عدد العائلة عشرة، وكان الاهتمام بالتوائم الأربعة بادياً على الجميع، تساعد البنات والأبناء والدهم في الاهتمام بهن، أما الأم فقد حرصت أن يكنّ متشابهات في كل شيء إلى حد ما، في اللباس والطعام والشراء والألعاب وفي كل شيء لغاية الصف الثامن، واليوم يتشابهن بالتفوق أيضاً، وتقول «أم إياد»: «توائمي يدرسن الثانوية العامة لوحدهن، فقط في بداية دراستهن وهن طفلات درّستهن شقيقاتهن، ثم انطلقن نحو الدراسة بهمة عالية».
شهادة أم اياد هي الصف السادس الابتدائي فقط، كانت أمنيتها أن يتفوق أبناؤها وبناتها، وتجد ما يعوضها عن عدم اكمال دراستها.
قد لا تبدو حكاية التوائم الأربعة من القرية المقدسية مهمة قياساً بسعي نتنياهو عقد تحالف دفاعي مع أميركا لخشيته من هجوم مدمر على اسرائيل، ولا مهمة قياساً بغليان ماء الخليج، ولا مقارنة مع ما يخبئه هذا الصيف من مفاجآت حارقة، لكن الحكاية أبعد من تفوق البنات الأربعة. فمن هنا، من حول القدس خرجت رشيدة طليب لتكون أول امرأة عربية في الكونغرس الأميركي. ومن هنا خرج ادوارد سعيد وهشام شرابي ليعلّما الأميركيين التاريخ. ومن هنا، سيعتذر التاريخ يوماً للفلسطينيين على ظلمه المقيت!.
الدستور-