قراءة من ثقب الباب !
![قراءة من ثقب الباب ! قراءة من ثقب الباب !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/75953.jpg)
لسنوات ٍ خلت أو فاتت ، كنّا نظنّ أنّ ( ثقب الباب ) يكفي لقراءة ِ حالةٍ أو كشف ِ مستور ٍ أو ربّما كان ثقب الباب نافذة تطلّ على الدنيا من وجهة رأي أو زاوية نظر ( سياسيّين ومثقفين وإعلاميّن وسواهم ) ، لكن تحوّلات التطوّر الإنسانيّ ، أو انفلاتات الناس من قيودها ، دفعت إلى قراءة ( ثقب الباب وسم ّ الخياط والعين السحريّة ) بشكل ٍ مغاير .
لا تنفع ( الأبواب المواربة ) ولا أنصاف النوافذ الآن ، فالحالة لا ينبغي وصفها أو لا يمكن التعبير عنها سوى بعنوان
( الأزمة ) ، ويلطّفون اللفظ فيقولون : مشكلة صغيرة أو سوء فهم ٍ أو حدثاً عابراً ... ويبوء التفسير بالفشل مثلما يخسر من يحاول ( التقليل من شأن الصراع ) .
السياسيّ في أزمة ، وفي عمقها ، ويحاول الإفلات من قبضتها والهروب من استحقاقاتها بالتبرير و التعويم وبأدوات أخرى من أبرزها : نقل الأزمة أو محاولة توريط أكبر عدد من الأصدقاء أو الخصوم في أتونها ..ولا يسعى هذا السياسيّ أو ذاك للانكشاف أو المكاشفة ، فتتعمّق الأزمات و ينخرط في لعبتها آخرون تائهون أو صادقون أو منقذون حسب ظنهم ..والمثقف فقد المقدرة على الحضور الإيجابيّ في المشهد فاكتفى بالنحيب والبكاء و انحاز إلى الذريعة أو الصمت أو لقمة العيش ، ناسياً أو متناسياً ( مثلّث اهتماماته وثوابته ) ، فأغفل عن طيب خاطر ، أو لسبب ٍ آخر ، فكرة الحريّة والعدل ، مستعيضاً عن ذلك بلقمة الخبز التي يريدها بالفرص السانحة .
والإعلاميّون ( الثقاة و سواهم ) يكتفون بالفرجة والتعليق الهامشيّ على الأحداث و يسلكون دروب ( السلامة وأقلّ الخسائر ) في معالجاتهم وقراءاتهم .
لا أحد في المشهد ، وباستثناءات نادرة ، يسعى إلى المواجهة أو الوضوح ، فالمواجهة تقتضي التغيير و الإحلال واستبدال البرامج وتطويرها وتعديل أو تجديد لغة الخطاب ومفرداته ، ففكرة التغيير والتجديد تقلق أصحاب المشهد أو المنخرطين فيه ، وإلى حدّ كبير .. فالمقتنعون في التغيير والساعون إليه يتوقفون او ينكفئون بسبب ٍ من ( غياب الأدوات والممكنات ) أو بسبب ٍ من ( غياب الحاضنة ) ، فيما يتربّع (أعداء التغيير أو قادة الشدّ العكسي ّ ) على مكتسبات تحصّلوا عليها بالتقادم أو بغياب الأنداد أو بسبب ٍ من ( ضرورات سابقة اقتضت بقاءهم ) .
لا يكفي أن يصدح أشخاص أو سياسيّون بفكرة التغيير وحسب ، بل ينبغي عليهم احترام الفكرة والاعتراف بشراكة الناس والاقتناع بأنّ التغيير سلوك طبيعيّ أو واقعيّ تقتضيه التحوّلات في المكان والزمان وفي العقل البشريّ ، وكذلك تستوجبه قوانين وظروف الحاجة .
ولا تنضج فكرة التغيير من دون شروطها ، الحاجة والقناعة وهي شرط متوافر منذ زمن في مختلف القوالب والمجتمعات و الهيئات ، وأدوات التغيير وتلك يجترحها أشخاص مؤمنون بالضرورة والحاجة ، و بالتأكيد لا بدّ من وجود أشخاص مؤهلين لإدارة ( عملية الإصلاح أو التجديد ) ، ذلك كله ينبغي أن يتوافر في مجتمع ٍ واع ٍ قادر ٍ على استقبال الفكرة والانخراط في برامجها ... وفي الأغلب الأعم : يتوافر الشرط الأخير !
الفزعات لا تصنع تغييراً أو تجديداً ، وقد تصنع حلولاً مؤقتة ، وأعداء التغيير أو المستفيدون من حالة الجمود والسطوة هؤلاء لا يمكن أن يقودوا ( حراكاً إيجابياً ) ... فعيون المتسلطين وأهدافهم تنصبّ في زاوية واحدة عنوانها : ( المزيد من المكاسب وأنا ومن بعدي الطوفان ) .
من لا يؤمن بشراكة الناس سيخسر وإن ْ أسعفته ظروف البقاء فترة طويلة ، والمتغوّل ستأكله الأيام وناقلو المعارك أو ناقلو الأزمات سيحترقون بنارها وهم الآن يكتوون .