الصفقة الغرائبية إلى كامب ديفيد!
هل يكون كامب ديفيد هو المحطة التالية لصفقة القرن؟! هذا هو المخطط وفق وسائل اعلام إسرائيلية قالت ان كوشنر يحشد التأييد لمؤتمر في ايلول القادم في كامب ديفيد يعرض فيه ترامب خطته للسلام لكن من واشنطن صدر نفي للخبر.
ما جرى في لقاءات كوشنر في الرياض وعمان والقدس والقاهرة وفي النهاية الرباط غامض جدا. وقد يكون بسبب التكتم الشديد او لسبب ابسط انه لا يوجد شيء! وعن زيارة كوشنر لعمان صدر خبر رسمي اردني من فقرة واحدة يقول ان جلالة الملك “اكّد للمبعوث الأميركي على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على اساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967”. وليس صدفة استخدام هذا التعبير الوافي الدقيق لموقفنا وهو ايضا التعبير المحدد الذي نسمعه كل مرة وبلا كلل من وزير خارجيتنا في كل لقاء ومناسبة.
لكن الفضول يقتلنا لنعرف شيئا عما يقوله الطرف الآخر وكيف كان النقاش معه؟ كيف عرض كوشنر ومن معه افكارهم وماذا يقترحون علينا؟! فنحن نعرف رؤية علنية غائمة فيها شيء واحد فقط واضح وهو اختفاء تعابير مثل “الاحتلال” أو “الاستقلال” أو “الدولة الفلسطينية” كليا ففي الخطاب الأميركي لم يعد هناك شيء اسمه احتلال إسرائيلي أو شيء اسمه الاستقلال الفلسطيني أو الدولة المستقلة والبديل لا يطرح ابدا بل تتم الاشاره له فقط من خلال خطة اقتصادية لتمويله؟! هذه ذروة السريالية في مقاربة الصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي وهي تصل إلى ذروة جديدة بمشروع مؤتمر لحشد من الزعماء قبل الانتخابات الاسرائيلية ودون طرح اي اطار سياسي للحل.
كان الانطباع على نطاق واسع أن فشل نتنياهو بتشكيل حكومة والعودة إلى صناديق الاقتراع في اكتوبر قد جمد العمل بصفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة لكن جولة كوشنر الجديدة أظهرت عنادا أميركيا لإبقاء قضية الصفقة حيّة حتى لو لم يكن هناك محتوى وخطوات ينبغي الإقدام عليها! وقد يتصل الأمر بالتكتيك الأميركي لاستثمار الأزمة مع ايران ما دامت ساخنة لإنعاش التطبيع حيث تستثمر الولايات المتحدة في عملية اعادة ترتيب الاصطفافات فتنتقل حفرة الانهدام من غرب الاردن إلى الشرق على طول خط التماس مع الهلال الشيعي فنصبح مع إسرائيل امتدادا واحدا أمام الخطر الفارسي من الشرق. وبقدر ما تدق طبول الحرب مع ايران تعزف موسيقا الود مع إسرائيل.
انتهت جولة كوشنر دون شيء ولم تقدم وسائل الاعلام اي معلومة باستثناء ما وصفت به الجولة في البداية بأنها مخصصة لحشد التأييد للخطة الاقتصادية وتحديد مصادر التمويل او حسب روايات اخرى لطرح ملامح الشق السياسي وهو ما لم يظهر ابدا. والخبر الوحيد المهم هو مشروع القمة في كامب ديفيد وقبل الانتخابات الإسرائيلية! قد يكون الخبر بل المقترح في اساسه إسرائيليا وقد يكون قد لاقى هوى عند كوشنر دون ان يكون له صلة بأي تصور لإنجاح الخطة بل لدعم الرجل الأكثر فسادا وصفاقة عشية الانتخابات. فماذا اعظم من ان يظهر نتنياهو بصحبة قادة الدول العربية يتمشون معا في المنتزه العتيد ويتبادلون الاحاديث الودّية عن السلام والتعاون والازدهار. ورغم النفي العابر للخبر من واشنطن فخبرتنا مع ترامب لا تطمئن فهو يحب اليمين الإسرائيلي المتطرف وغير بعيد ان يذهب بأدائه السيريالي إلى خطوة كهذه اذا زينها له فريقه بتأثير من النتن ياهو.
الغد - الاحد 4-8-2019