الاقتصاد الأردني.. نظرة من الخارج

تم نشره الإثنين 14 تشرين الأوّل / أكتوبر 2019 12:26 صباحاً
الاقتصاد الأردني.. نظرة من الخارج
د. صبري الربيحات

الأردنيون قلقون على أوضاعهم الاقتصادية؛ فقد طال انتظارهم دون ان تتحقق الوعود بتحولهم إلى سنغافورة العرب. المحاولات التي جرى الحديث عنها لتطوير التعليم والتحول الرقمي وريادة الاعمال وجذب الاستثمار لم تحقق الكثير لإخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة والوصول الى النهضة التي تحدث عنها رؤساء الحكومات مرارا. بالنسبة للأردن ما يزال الخليج العربي احد اهم ضمانات الاستمرار الاقتصادي وامل الخلاص الذي يراود الكثير من الأردنيين على المستويين الرسمي والأهلي. لهذه الاسباب فقد حرصت السياسة الرسمية الأردنية على ادامة علاقات ايجابية تتجنب الصدام او التوتر مع دول المحيط العربي في حين بقيت دول ومجتمعات الخليج العربي اهم الاسواق والمقاصد التي يتطلع اليها الشاب الأردني المؤهل ويجد فيها ضالته.
اليوم وبعد مرور اكثر من نصف قرن على انطلاق النهضة الاقتصادية الخليجية تقيم على الاراضي الخليجية عشرات آلاف الأسر الأردنية التي يعمل ابناؤها في الاقتصاد والادارة والتجارة والتعليم. الكثير من الأردنيين المقيمين في الخليج العربي لا يخفون إعجابهم بالمجتمعات المستضيفة ويكنون لقياداتها وشعوبها الكثير من التقدير والاحترام .
بعض الاسر الأردنية المقيمة في البحرين والامارات وقطر اندمجت تماما فتمثلت الهوية الثقافية لهذه المجتمعات، واصبح افرادها يرون أنفسهم كبحرينيين او قطريين أو إماراتيين، وانعكس ذلك على اللهجة ونمط اللباس والطعام.
منذ ايام التقيت بعدد من الشباب الأردنيين الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة وانجلترا وكندا. بعض هؤلاء الشباب ابناء لأسر أردنية تملك شركات ومراكز مالية وادارية وثروات كبيرة . هؤلاء الشباب انخرطوا في برامج تعليمية هجينة “Interdisciplinary” تبدو غريبة على سوق العمل الأردني لكنها مطلوبة في بلدان الخليج العربي والاقتصادات سريعة النمو.
مصطلح إدارة الثروة “wealth management” تسمع به في كل محادثة ذات طابع اقتصادي او مالي في دبي والدوحة. والشباب الأردني يهيئون أنفسهم لسوق العمل الخليجي اكثر مما يفكرون بسوق العمل في بلدهم الذي تتقلص فرصه بالرغم من بيانات الشركات الريادية ومراكز الاعمال والمناطق الصناعية التي تتوالد ارقام توقعات العائد على شاشات العروض الالكترونية اكثر مما نشاهدها على ارض الواقع.
الشباب الأردني الذي تعلم في الغرب وسئم ثقافة الكسل والمحاصصة والامتيازات الموروثة يجد في كل من دبي والدوحة فرص عمل ونمو مهني في بيئة اعمال ميسرة تخلو من التعقيدات وتحترم الموهبة والإبداع.
في حوار مع الشباب الأردني حول أوجه التشابه والاختلاف بين كل من الأردن ودبي وعناصر الجذب والطرد في كل منهما افاد الشباب بأن الأردن يملك كل عناصر النجاح التي تتمتع بها دبي وربما أنه الأقدر على تنفيذ كل ما تنفذه السلطات في دبي من خلق لفرص العمل وسيادة القانون والحد من حجم تدخل الإرادة الإنسانية في نظم العمل الواضحة والعادلة. الشباب الأردني المغترب يرى ان المعوقات والتعقيدات الموجودة في بيئة الاعمال مصطنعة ويمكن التخلص منها بوجود إرادة تعمل على وقف أشكال العرقلة والتعطيل والابتزاز وبطء الاجراءات.
الشباب الأردني المغترب لا يرغب في العودة ولا يرى املا في التغيير في ضوء المعطيات القائمة. استمرار نزف الموارد البشرية وهجرة أكثر الشباب الأردني موهبة وقدرات الى الخارج يجعل من الأردن موطنا لمن لا تقبل به الاسواق العربية الواعدة ويحرم الاقتصاد والمجتمع من العناصر الخلاقة القادرة على إحداث الاختراق المطلوب للانطلاق نحو آفاق جديدة وواعدة.
ما لم تعمل الحكومات على تطوير بيئة الاعمال من حيث إيجاد تشريعات مستقرة وتبسيط الإجراءات وتوفير التمويل ورعاية الابداع ومحاربة الروتين والقضاء على الرشوة والفساد وأشكال المضايقات التي يتعرض لها المستثمر فسيبقى الوضع يسير من سيئ الى اسوأ.

 الفد - الاحد 13-10-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات