في القضية الفلسطينية (2)
*لم يعد اهتمام كثير من العالم العربي، شعوباً ومجتمعات ومنتديات، بالقضية الفلسطينية بما تستحقه من اهتمام باعتبارها القضية المركزية... ففي متابعات لمختلف الصحف العربية، الرئيسية، في كل بلد على الأقل، لم تنقل أي معلومات حول هذه القضية: منتديات أو مؤتمرات أو ندوات أو محاضرات...
ولذا، جاءت الندوات الثلاث التي عقدتها (جمعية الشؤون الدولية) في الأسابيع الثلاثة الماضية، جاءت موضع اهتمام إعلامي خارجي، بشكل خاص:
-فالأولى تمثلت بمحاضرة تعمقت في الجوانب السياسية للقضية، ودور الدبلوماسية العربية، وكشفت من المعلومات والمواقف الدولية التي لم تنشر في حينه، أسهب فيها المحاضر (معالي الأستاذ ناصر جوده- وزير الخارجية لسنوات).
-أما الثانية فتمثلت في ندوة حوار مفتوح أشبه بعصف فكري، امتداداً لتلك المحاضرة، وتحليلاً لمختلف جوانب القضية، السياسية والاقتصادية، وأهمية الدور الفلسطيني المتمثل بالصمود.
-وأما الثالثة، فكانت مكملة للحلقة، لتحليل التحولات الأمنية في إسرائيل، وأثرها على الفلسطينيين في الأرض المحتلة، وعلى الأردن والعالم العربي... حيث أسهب المحلل الاستراتيجي (اللواء المتقاعد محمود ارديسات) خطورة وجود مشروع واحد عامل في الساحة، وهو المشروع الصهيوني، ويقابله (الخيار الاستراتيجي الوحيد للأمة العربية، خيار السلام).
*وبالمناسبة، فقد طلعت (مجلة فورن افيرز) الأمريكية (لشهري تشرين الثاني- كانون الأول القادمين) بموضوع يتعلق بالنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي: ما بين (حل الدولتيْن) أم (الدولة الواحدة).
فثمة معطيات ذات أهمية، فقبل سنوات، اعتبر (جون كيري) أن أمام (حل الدولتيْن)سنتيْن قبل أن يصبح غير قابل للتطبيق، حيث إسرائيل مستمرة في الاستيطان، تضخيم (أو تسمين) القائم، وإقامة المزيد، فتصبح أراضي الضفة الغربية المحتلة، والتي يفترض أن تكون (الدولة الفلسطينية) عبارة عن قطاعات (كنتونات) غير متصلة أو متواصلة لا تشكل وحدة أراضي دولة... وبهذا، يصبح حل الدولتيْن (ميّتا) مع (الدولة الواحدة).
*وجاء (الرئيس ترامب) ليضع المسمار الأخير في نعش ذلك الحل، بما اتخذه من إجراءات: ضرب سياسات الرؤساء السابقين عرض الحائط تجاه قضية القدس، فاعترف بها عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارته إليها، وبارك (قانون قومية الدولة العبرية في أرض إسرائيل) وحق إسرائيل في ضمّ المستوطنات... الخ من الإجراءات، وكان قد أعلن قبل ذلك أنه
(مع حل الدولتيْن) ومع (حل الدولة الواحدة)و(مع ما يختاره الطرفان: الفلسطيني والإسرائيلي)، وذلك تضارب واضح ما بين القول والفعل.
*يعيش ما بين (النهر والبحر) في فلسطين العربية التاريخية حوالي (13) ثلاثة عشر مليون من السكان، تحت السيطرة الإسرائيلية: فمنهم مليونان يحملون الجنسية الإسرائيلية ولكنهم عملياً مواطنون من الدرجة الثالثة أو الرابعة، ويتحدون بقوة ممارسات التمييز العنصري ومحاولات طمس الهوية، ويعيش مليونان آخران في (غزة المحاصرة)، ويحتل حوالي مليون مستوطن إسرائيلي متطرف ما يقارب عشرين بالمئة (20 %) من أراضي الضفة الغربية، وإذا ما استمر هذا الاحتلال بسياساته الاستيطانية والتهويدية لمدة خمس سنوات –حسب أحدى الوكالات الأمريكية للأبناء).
*فإن (حل الدولة الواحدة) أو (حل الدولتيْن) يصبح (خارج السيطرة).
*والسؤال: القضية الفلسطينية.... إلى أين؟
الدستور -