تخريب الحدائق العامة
الحدائق العامة أنشأتها وجهزتها أمانة عمان الكبرى لتكون متنفسا للمواطنين وأمكنة للتنزه والترويح بعد تعب النهار، وهي مجهزة للكبار والصغار؛ فالكبار يستمتعون بالجلوس على المقاعد المريحة والتمتع بمناظر الورود الجميلة والأشجار الخضراء والأطفال يركضون ويلعبون ويمرحون، كما أن هناك حدائق فيها بعض الألعاب التي يحبها هؤلاء الأطفال، أما الشباب ففي بعض الحدائق ميادين للعب كرة القدم مجهزة من أجل هذه الغاية ونوافير للمياه وبشكل عام فإن هذه الحدائق مظهر حضاري بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
مع الأسف الشديد فإن عددا كبيرا منا ومن أطفالنا وأبنائنا تعوّد على التخريب وكأن هذه الحدائق هي للأعداء وليست لنا، فنجد بعض المقاعد في هذه الحدائق قد تكسرت بفعل فاعل والورود قد قطعت أيضا بفعل فاعل والمصابيح الكهربائية مكسرة ومعطلة لنفس السبب، أما النفايات وبقايا الأكل والقشور فتنتشر في بعض أرجاء هذه الحدائق، مع أن هناك سلالا للمهملات، لكن معظم الذين يرتادون هذه الحدائق لا يستعملونها وكأنها موجودة كديكور في الحديقة، فنجد بعض العائلات التي ترتاد هذه الحدائق هي وأطفالها ترمي بقايا الأكل على الأرض وأطفالها بالطبع يقلدونها فلا يطلب الأب أو الأم من أطفالهما وضع النفايات وبقايا الطعام وعلب العصير في سلال المهملات بل يرمونها على الأرض لأن الأب والأم مع الأسف يفعلان ذلك.
الحدائق العامة لم توجد من فراغ بل بعد جهد وعمل كبيرين من قبل أجهزة أمانة عمان الكبرى، وهذه الحدائق كلفت خزينة الأمانة ملايين الدنانير حتى تكون متنفسا للمواطنين فلماذا نخربها ؟ . ولماذا نتعامل معها وكأننا سنزورها للمرة الأخيرة ؟ ، وما الفائدة من تخريب مقاعد هي لنا نحن؛ لأننا نحن الذين سنجلس عليها وليس موظفي الأمانة ؟ ، ولماذا لا نعلم أطفالنا أن هذه الحدائق هي ممتلكات عامة؛ أي أننا نحن الذين نملكها وهي موجودة من أجلنا ومن أجل راحتنا وحتى نتنزه بها وتكاليفها دفعت من الضرائب التي ندفعها نحن لذلك فإن من واجبنا المحافظة عليها.
من منا زار بعض الدول الأوروبية يجد أن معظم مقاعد الحدائق العامة هي تبرع شخصي من المواطنين؛ فالمواطن الذي كان يجلس مع زوجته أو صديقته التي انتقلت إلى الدار الآخرة في إحدى الحدائق العامة يقوم بتقديم مقعد على حسابه الخاص تخليدا لذكرى هذه الزوجة أو الصديقة وضمن المواصفات الخاصة بالحديقة وهذا ينطبق أيضا على الزوجة وعلى الصديقة.
بدلا من تخريب الحدائق العامة نتمنى أن نتبرع لهذه الحدائق لتحسينها وليس لتخريبها، ونتمنى أن نكون حضاريين ونشعر بالمسؤولية تجاه هذا الوطن الطيب وتجاه كل حبة تراب فيه . ونتمنى أن نسمع أن أحد أغنيائنا الكبار قد تبرع بإنشاء حديقة عامة أو ساهم في إنشائها تخليدا لزوجته أو لابنه أو لذكرى أي شخص يعز عليه.
مرة أخرى نقول بأنه لا يجوز التعامل مع الحدائق العامة وكأنها حدائق للأعداء فهذه الحدائق لنا جميعا ولأطفالنا ويجب علينا جميعا أن نحافظ عليها .
الدستور -