لبنان تنتفض
ما يجري في لبنان يؤكد اننا نقف على موجة «ربيع عربي» ثانية، بدأت من الجزائر والسودان، وهاهي تمر في بيروت وبغداد.
لبنان اتفقت منذ الطائف 1989 على محاصصة في السلطة تحت عناوين من الديمقراطية الشكلية، لكنه بالمقابل يعرف عن لبنان انها متقدمة جدا في موضوع الحريات السياسية والاجتماعية.
اليوم، يخرج اللبنانيون الى الشارع مطالبين بإسقاط الفساد وباروناته، هذا الفساد الذي نهش في لحمهم، فالمديونية والازمة الاقتصادية باتت لا تطاق هناك.
ما يلفت النظر في انتفاضة اللبنانيين انهم عابرون للطوائف والتقسيمات التي جاءت بها اتفاقية الطائف، بمعنى انهم يعتبرون الفساد لم يعد محميا من سطوة الطائفية والجهوية.
طبعا، هذا يؤشر على بدء تشكل كتلة حرجة، قد لا تكون معالمها قد نضجت بالكامل، لكنها نواة لوطنية لبنانية ترفض الطائف وتسعى لتمكين المواطنة بغض النظر عن الجهات والطائفية.
من جهة اخرى، اثبت العامل الاقتصادي انه عابر لكل التقسيمات والطائفية، فما جرى في لبنان ومن قبلها العراق، قدما برهانا عمليا ان الناس في لحظة عوزها وضيق عيشها تكفر بالخطوط الوهمية المسماة «طائفية».
اجزم بأن الساسة في لبنان اصابتهم الصدمة والخوف، فقد استقر فهمهم على انه من غير المتوقع ان يتوحد اللبنانيون من شتى الانتماءات على امر آخر غير الانقسام والمحاصصة.
لكن الرياج جاءت بغير ما تشتهي السفن، فإذا بالجموع اللبنانية تتوحد رافضة الفساد، رافضة الفشل الاقتصادي، ومن هنا تبدو لبنان مختلفة اليوم.
لبنان امام مرحلة جديدة، فاتفاق الطائف استهلك اغراضه، والمحاصصة التي تحمي الفساد باتت مكشوفة، ويبقى ان يقنع الساسة بذلك قبل فوات الاوان.
السبيل - الأحد 20/أكتوبر/2019