عندما تفرط الدولة جيبتها!
ترأس الملك جانبا من ورشة اقتصادية في الديوان الملكي ثم ورشة أخرى لنفس الغاية في اليوم التالي، فثار فضولنا لنعرف محتوى النقاش. لكن إعلام الديوان يأبى الانفتاح حتى في حالة كهذه مع ان إشراك الرأي العام هو المطلوب وبالذات في مناسبات كهذه وفي ظروف كالتي نعيش. فنحن نتحدث عن “ورشة” اقتصادية وليس لقاء من النوع المألوف حيث يطرح جلالته شؤون الساعة ويستمع لآراء الحضور حولها.
قيمة ورشة كهذه تتمثل في بث محتواها للناس وسماع الآراء التي طرحت في مواجهة الأزمة الاقتصادية ناهيك عن اتاحة الفرصة لمئات الخبراء المختصين الغيورين على البلد للاستماع ثم للإدلاء بدلوهم عبر منصات التواصل في المطروح من الأفكار والتوجهات وهذا ما يعطي الورشة القيمة والإثراء والتأثير ليس على القرار فحسب بل على الثقافة والانطباعات العامة. ونشر محتوى الحوار يغني مئات المهتمين عن الحضور المباشر، فالحضور سيكون بالضرورة محدودا والهدف من وجود جلالة الملك هو اعطاء منصّة الحوار الزخم والأهمية والمصداقية.
لو كان الأمر لي لجعلتها بثا مباشرا حيا على الهواء فمن جانب آخر هناك حاجة ملحة لأن يفهم الناس الاشكالات التي تحيط بالقرار وان الامور أكثر تعقيدا في الواقع وان لكل فكرة ايضا محاذير ومخاطر يجب ان يراعيها صاحب القرار.
المهم قد يكون ترؤس الملك لاجتماع مجلس الوزراء في اليوم التالي كشف عن توجهات معينة تتبلور كما يمكن ان نفهم من ردّ رئيس الوزراء أيضا. وخلاصتها ان الدولة تتحول من سياسة التضييق المالي الى التوسع في الانفاق أو من السياسات الانكماشية الى السياسات التحفيزية؟! فهل ثمة مدرسة اقتصادية تنتصر على أخرى؟! لم نعرف ان شيئا من ذلك حصل ولذلك قلنا اننا كنا شديدي الفضول أن نعرف عن حوارات الديوان واذا كان ثمة مقاربات جديدة مطروحة في السياسة الاقتصادية.
أعتقد ان الأمر لا ينطوي على اي مراجعة وهو مجرد استجابة للظروف الضاغطة منذ اضراب المعلمين فقد تمنعت الحكومة طويلا عن الاستجابة لهم تمسكا بسياسة التقشف المالي ثم عادت مضطرة للتسليم بالعلاوات وهكذا اصبحت امام أمر واقع لا مناص منه وهو رفع العلاوات لكل القطاعات. وكان الملك قد بادر الى رفع رواتب المتقاعدين العسكريين. ومع الوجبات القادمة سيشهد بند الرواتب والأجور في الموازنة القادمة زيادة لن تقل عن مائة وخمسين مليون دينار. هي ليست سياسة جديدة بل أمر واقع فرض نفسه ولا تقابله خطة لتعظيم الواردات والأهم خطة لتعظيم الانتاجية أي سياسة اقتصادية جديدة حتى لا يكون ضخ المال بيد المستهلكين هو رواج عابر يعقبه تضخم يعيد الجميع الى نفس المربع.
لقد انتهينا في ندوة أمس بالضبط على معضلات الادارة والحاكمية ونحن نناقش قضايا القطاع الصحي في لقاء رتبه مركز الدراسات في الجامعة الاردنية بمشاركة وزراء صحة سابقين وفاعليات مهمة في القطاع الصحي. لننتظر قليلا ونرى كيف ستشرح الحكومة موقفها؟
الغد - الخميس 24-10-2019