خطة التحفيز.. العبرة في التنفيذ
لا يمكن تجاهل الإجراءات التحفيزية التي اطلقتها الحكومة بالأمس والتي شملت أربعة محاور رئيسة، بدءا من ضرورة تنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار وما يتطلبه من اصلاح مالي وإداري إلى جانب تحسين محور الخدمات والذي يتطلب وقتا لإنجازه وهذا واقعي بالنظر إلى الاختلال الكبير في قطاعات الخدمات وما اعتراها خلال السنوات الماضية.
أما المحور الرابع المرتبط بتحسين مستوى المعيشة والرواتب فهذا يتطلب التمعن فيه والنظر بحذر إلى مضامينه، إذ إن ذلك يقتضي إجراءات مالية وتوسع في النفقات ليس من الواضح مصادرها، فحتى الآن تم اتخاذ عدد من القرارات المالية التي ترتب نفقات إضافية في المالية العامة في موازنة العام المقبل، وهو ما يعني توسعا في النفقات الجارية قد يؤدي إلى تفاقم العجز في الموازنة العامة والتداعيات التي قد تنشأ نتيجة لذلك، ولكن هذا يحتاج إلى تحليل منفصل ليس هذا مقامه.
إن إطلاق خطة التحفيز جاء متزامنا مع الإعلان عن تحسن مرتبة الأردن في تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، وهذا يشير إلى أن توقيت إطلاق الحزمة يأتي منسجما مع بعض الأخبار الايجابية التي هي في حقيقة الأمر نادرة الحدوث ، والحديث عن بعض الاجراءات التطمينية المرتبطة على سبيل المثال بتثبيت الحوافز الاستثمارية لمدة لا تقل عن 10 أعوام هي خطوة في الاتجاه الصحيح سبق وأن طالبنا بها في هذه الزاوية ، كذلك الأمر المتعلق بتفعيل قانون الإعسار وآليات تطبيقه . اما تلك القرارات المرتبطة بإجراءات الحجز التحفظي ومسؤولية الشركاء في الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو المساهمة الخاصة فإنها حتما خطوات في الاتجاه الصحيح وتوفر الكثير من الارتياح في أوساط المستثمرين وذات الأمر ينطبق على موضوع رديات الضريبة .
وفي قطاع الإسكان فإن العديد من الإجراءات من شأنه المساهمة باستعادة القطاع لشيء من نشاطه لا سيما في ظل تراجع الطلب ومستويات الأسعار وضعف آليات التمويل . وذات الامر ينطبق وإن كان بشكل محدود على تخفيضات أسعار الطاقة التي جاءت متحفظة وكان يمكن التوسع فيها بشكل اكبر لتحفيز العديد من القطاعات في ظل الحديث عن فائض في انتاج الكهرباء.
وعموما يمكن تقسيم الاجراءات المعلنة وخاصة المرتبطة بقطاع تحفيز الاستثمار إلى قسمين، الأول يتضمن إجراءات لا تقبل التأويل وهي بالتالي تصبح نافذة بمجرد صدورها من مجلس الوزراء أو الجهة المعنية بذلك، وهذا هو القسم الأسهل والمباشر والذي سينعكس مباشرة على الفعاليات الاقتصادية المختلفة.
اما القسم الثاني وهو الذي يغطي الجزء الأكبر من الحزمة المعلنة، فيرتبط بإجراءات وقرارات تحتاج إلى مزيد من العمل والتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، فعلى سبيل المثال ، حين يتم الإعلان عن منح صلاحيات جديدة للوحدة الاستثمارية أو توفير مساكن وتخصيص أراض ، او تسهيل إجراءات جمركية، فإن هذا النوع من الاجراءات يتطلب متابعة وآليات واضحة لترجمته على ارض الواقع والخروج من دائرة الاجتهاد الشخصي لبعض الموظفين الذين يقومون بترجمة الاجراءات المطلوبة حسب ما يرونه. وهنا يكمن الخطر في أن تبقى الاجراءات المعلنة دون تنفيذ عملي ودون برنامج زمني وجهات مسؤولة عن التنفيذ .
ان تطبيق جميع ما ذكر يعني البدء باستعادة الثقة نسبيا بالسياسات العامة المعلنة ، وهو يؤسس لتفاعل مختلف ما بين الحكومة والفعاليات المختلفة.
الغد - الاحد 27-10-2019