تحفيز الخطة الحكومية
الحكومة التي نجلدها بلا رحمة تحتاج أحيانا إلى بعض الثناء لرفع معنوياتها ولتحفيزها على العمل حين تأخذ بعض القرارات الجيدة كما فعلت أمس. القرارات التي قدمت أمس تحت عنوان خطة التحفيز الاقتصادي معظمها جيدة وبعضها غير ذي قيمة وأثر فعلي وبعضها نوايا مكررة ممتحنة غير مرة ولم تنجح أمام الجمود والتعقيد والترهل البيروقراطي ولم نجد ما يقنعنا ان هذه المرة ستكون مختلفة حتى بعد إقرار الرئيس أن النجاح في كثير من الملفات يرتبط بالاصلاح الاداري الذي هو الجزء القادم المكمل من الخطة.
مانشيتات الصحف ووسائل الاعلام تمتلئ اليوم بعناوين خطة التحفيز فلا أحتاج لتكرارها. وبالإجمال فبعض عناصر الخطة محفزة فعلا مع ان حالة الركود وانخفاض الطلب تعمقت بأكثر من أن تحركها بالقوة كافة الاعفاءات والتخفيضات وحوافز أخرى شملتها القرارات للقطاع العقاري والقطاع الصناعي. أما توفير المساكن للأسر الناشئة بتوفير أراض خارجية بسعر مخفض لمستثمرين أو عائلات فليست مقنعة وهي هامشية كما وكيفا. ولدينا التجربة البائسة لسكن كريم وآلاف الشقق الفارغة والاسكانات الفائضة في عمان وبقية المدن.
الخبر الطيب في محور بيئة الاستثمار ان الحجز التحفظي من قبل دائرة الجمارك وضريبة الدخل والضمان الاجتماعي لن يشمل الشركاء أنفسهم بسبب ديون الشركة وسيقتصر على ما يماثل قيمة المطالبة من أموال المدين أو مثلها ونصف من قيمة العقار لكن هؤلاء هم جزء يسير ممن يقومون بالحجز التحفظي فهناك جهات أخرى وهناك القضاء الذي يقوم بالحجز التحفظي على كامل الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدين مهما كانت نسبة الدين ضئيلة وهذا أمر قاتل للشركات وأصحاب الأعمال وغيرهم. وحسب ما فهمت فهذا الملف ما يزال قيد البحث بين وزارة العدل والقضاء، وهذه هي السلحفائية القاتلة! فوزير العدل يعيش هذه المشكلة منذ ان كان مراقبا للشركات وهو يعلم ان القانون نفسه يقصر الحجز على ما يماثل قيمة المطالبة لكن ذرائع فنية تجعل القضاة يحجزون “قلم قايم” على أصول المدين كافة وهي قضية مؤرقة لا شك انها ظلّت تطرق سمعه كل يوم فماذا فعل بشأنها كل هذا الوقت؟! والخبر غير الطيب لمن خاب أملهم بقانون الإعسار أن الحكومة قررت تفعيل القانون؟! ما هذه العبارة البائسة!! القانون تم تقزيمه بحيث لم يعد يؤدي الغرض ولم تقم اي شركة حتى الساعة باستخدامه لأنه يهددها اكثر مما يحميها وأرجح ان البنوك تريده هكذا وكان يتوجب على الحكومة ان تدرس ملاحظات اصحاب الشأن وتضع انظمة وتعليمات تفسيرية ايجابية لصالح المعسرين بدل هذه العبارة التي لا معنى لها.
نتذكر ان حكومة الملقي في حينها وضعت ايضا خطة تحفيز اقتصادي وقد انتقدها الرئيس الحالي بأنها لم تكن واقعية وتحتاج الى عشرة مليارات من الدنانير. بالمقابل فإن خطة الحكومة الحالية أقل طموحا مما يجب وهي ستكلف الخزينة بضع عشرات من الملايين وهي حذرة ومتواضعة ازاء حجم التراجع والاحباط الاقتصادي. القرارات على كل حال جيدة لكن المطلوب شيء اكبر لإحداث تأثير يحقق انعطافة والمسكوت عنه كثيرا وعلى الحكومة الا تكون رغائبية وتوهم ان بعض الاعانات مثل رديّات ضريبية على التصدير بنسبة 3 % سترفع الصادرات فثمّة مشاكل عويصة أكبر. القرارات جيدة لكن على الحكومة أن تجلس مع نفسها وخبرائها لتدرس حقا الأثر الفعلي المتوقع لهذه القرارات، لتجد كم من التحفيز تحتاجه خطة التحفيز.
الغد - الاحد 27-10-2019