إدارة المتناقضات!!!
يعيش الانسان في هذه الحياة وهي مليئة بالمتناقضات، فهناك واقع نعيشه وهناك ما هو عكس او ضد هذا الواقع، فهناك الخير والشر والنور والظلام، والعطاء الايجابي والسلبي، ولا يعرف الانسان بالضبط كيف يتصرف لخلق توازن عملي ومجتمعي امام هذا الكم من المتناقضات.
فهي قوى متعاكسة تعصف بالانسان فكراً ووجداناً في اتجاهات متعارضة، رغم كل ما يؤمن به عن قناعة وحقيقة، او ما يعرفه ويدركه ويعيشه او يتوقعه، فالخير اصبح يقابله الشر، والذي يريد ويسعى من اجل العطاء والبناء يصادفه من يستطيع ان يهدم، والذي يريد ان يعيش حياته مسالماً قنوعاً بما يتوفر لديه يأتيه من يتدخل في حياته.
فهذه اصبحت قوى متصارعة في اعماق انفسنا، لكن رغم كل ذلك لنعلم ان التناقض هو ما يحرك الحياة ويدعم الحركة، ولن نستطيع الهروب من هذا الواقع الذي تتصارع فيه قوى متناقضة وهي كيفية ادارة المتناقضات وكيفية استثمار الازمات ونتعرف على مواقع الخطأ والضعف والثغرات والسلبيات لنصححها.
فهل نتقبل المخالفين والفاسدين دون نقاش ودون تقديم اية تنازلات او معارضة وبدون خوف ام نفضل الاستسلام والقبول بالامر الواقع كما هو، هل نسامح ام نتنازل عن حقوقنا لصالحهم، هل نخاصمهم دون الخروج عن الطور ونشعرهم بأخطائهم، ام هل نسعى لان نتفوق عليهم بالفساد دون ان نحطم المنافسين، وهل نجلس في النور دون ان يزعجنا وجود الظلام من حولنا، ام نمارس العدل دون ان نفقد الرحمة، اذن علينا ادارة هذه المتناقضات بحكمة وحنكة مع تحييد السلوك والتصرف السلبي والسيىء.
ان اكتساب هذه المهارة يجعلك قادراً على المناورة في هذه الحياة التي اصبحت فيها المتناقضات امراً واقعياً مفروضاً علينا في عملنا وحياتنا وتعاملنا ولا نستطيع ان نتهرب منها، ان نتقبل المتناقضات لكن ان يكون مقروناً بالعمل والحركة لا ان نعتزل الحياة فالحياة، ليست لونا واحدا وليست دائماً ذات لون ابيض، فلم يعد هناك نظام اجتماعي كما عهدناه رائعاً يخلو من الشرور، او نظام اجتماعي صارم يحرم الخطأ والمخطئ ويواجه التغيير في القيم والمبادئ.
بل اصبح هناك اشخاصاً مبرمجين من اجل هذه التناقضات، يخلقون خللاً في المجتمع ومستعدين لاستخدام القوة او القمع الفكري والنفسي ليخلقوا شخصيات مجتمعية مشوشة وفكرا مذبذبا لتستمر المعاناة وحالة عدم التوازن.
وكلنا يعلم ان قوة الدولة من القوة النفسية لافراد الدولة لخلق التوازن في ظل هذه المتناقضات لنكون مواطنين صالحين منتمين لخدمة وطننا ومجتمعنا بشكل افضل، ونصحح باستمرار مشاعرنا من كل ما يزعجنا.
وان لا نفقد شخصيتنا الوطنية دون ان تعتدي على حقوق الاخرين، وان نعيش قيمنا ومبادئنا دون ان نمنع الاخرين من ان يعيشوا حياتهم، هكذا نستطيع ان نناور متناقضات الحياة لتحقيق ما نصبوا اليه.
الدستور -