الإصلاح السياسي في دورة النواب الأخيرة
لو أراد النواب أن يصنعوا معروفا لمجلسهم وللبلد لأدرجوا مشروع إصلاح شامل للنظام الداخلي لمجلس النواب يبدأ المجلس القادم عمله بطريقة مختلفة نظيفة. النظام الداخلي للمجلس هو التشريع الوحيد الذي يستطيع النواب من تلقاء انفسهم تعديل نصوصه دون تدخل الحكومة لتقوية دورهم في الرقابة والمساءلة والمحاسبة ولكن ايضا تعظيم المسؤولية والرقابة الذاتية على أداء النواب انفسهم بما في ذلك المحاسبة على الحضور والغياب للجلسات العامة ولجلسات اللجان. وهذا بالتزامن والتكامل مع تغيير جوهري في دور الكتل وطريقة تشكيل لجان المجلس.
لماذا يجب أن يفعل النواب هذا الآن وفي دورتهم الأخيرة ؟! أليس أكثر منطقية أن يتركوا ذلك للبرلمان القادم؟ المشكلة ان مفاصل جوهرية في الإصلاح تخص هيكل المجلس وهيئاته واللجان وكلها تنتخب بطريقة معينة يجب أن يطالها الإصلاح فإذا لم يتم هذا الآن فنواب المجلس القادم سيذهبون في أولى جلساتهم لانتخاب رئاسة المجلس والمكتب الدائم وتشكيل اللجان بالطريقة القديمة. وهي طريقة فاسدة ومفسدة كما عرفتها شخصيا وطالبت بلا كلل بتغييرها. والأغلبية – وهي غالبا ما تكون جديدة تماما على النيابة وليس لديها أي ثقافة أو خلفية بهذا الشأن تتعلم مما هو موجود وتتدرب عليه، وما هو موجود يقوم على الفردية المطلقة والمصالح الشخصية حيث التوافقات والتحالفات والمناورات والصفقات لا يحكمها أي منظور سياسي بل فقط المصالح الشخصية في الوصول والتصدر. هذه البيئة تظهر ملامحها فورا من أول أيام المجلس التي تشهد انتخابات رئاسة المجلس وهيئاته ولجانه وسرعان ما ينخرط النواب الجدد في هذه البيئة الفاسدة وبالضرورة اتقان التعامل معها وتحصيل المصالح والمكاسب الشخصية. وبالنهاية يصبح هؤلاء جزءا من قوى الشدّ العكسي غير المعنية بالتغيير.
من أبرز قضايا الإصلاح ما يتعلق بالكتل التي توصف بالهلامية وبدون محتوى سياسي وبرامجي ولا أحد يأخذها بجد. ونحن لن نخترع العجلة إذ يمكن العودة إلى دور ووظيفة الكتل في البرلمانات المتقدمة، ومن ذلك حقوقها مثلا في المناصب القيادية في المجلس وفي عضوية اللجان لكن في البرلمان القادم مثلا ستكون أول خطوة هي الانتخابات الداخلية فكيف يكون للكتل دور في الانتخابات وفي تشكيل اللجان وهي لم تظهر بعد ؟! طبعا إذا تقرر الإصلاح يجب ايجاد صيغة لظهور الكتل قبل الانتخابات الداخلية، أي أن أول خطوة داخل المجلس هي تشكل الكتل البرلمانية التي تقود الانتخابات لرئاسة المجلس وبقية المسؤوليات. طبعا في دول أخرى تفرز الانتخابات نفسها كتلا برلمانية رئيسية، لكن عندنا لم نتمكن حتى مع قانون القوائم النسبية في المحافظات من تحقيق ذلك فكل قائمة افرزت نائبا واحدا لا صلة له بالآخرين تماما كما كان الحال مع نظام الصوت الواحد. وما نستخلصه فورا هو وجوب ربط قوائم المحافظات في ائتلافات وطنية بحيث تمثل القوائم في المحافظات عددا لا يزيد على خمسة أو ستة ائتلافات وطنية يتبع لها جميع الناجحين.
هذا الاستخلاص البديهي وملاحظات أخرى على قانون الانتخاب كانت موضوعا لحوارات ساخنة حول التعديلات الضرورية على النظام الانتخابي إلى أن أتى خبر يقول بأن القرار حسم.. ” قانون الانتخاب باق كما هو “.. !! الله وحده يعلم اين وكيف ومتى اتخذ القرار؟!! وإذا كان قد اتخذ أصلا.. فليس بين ايدينا سوى تقولات تدعي انها معلومات أما الحكومة فلا تعطي أي تصريحات!
الغد- الاحد 24=11=2019