حرق قنصلية النجف ومقتدى الصدر وابو عزرائيل
كشفت معطيات عراقية انحدار شعبية مقتدى الصدر الى درجة ترعب اتباعه وانصاره ، بعد ان تبين بأنه يقف مع الثوار في الشوارع بالكلام ، بينما يقوم بالتنسيق مع هادي العامري والايرانيين خطوة بخطوة ، تماما كما تفعل المرجعية .
اكثر تعليقات العراقيين كانت تنصب على ان الصدر بات مجرد قنبلة صوتية ، وإنه لم يفعل شيئا تجاه القبضة الحديدية التي تمارسها ميليشيات ايران التي ترتدي بزات الشرطة ضد الثوار في الشوارع ، وتجاه مقتل المئات وجرح عشرات الآلاف واحتراق محافظات كبرى مثل الناصرية التي استشهد فيها الجمعة اكثر من 80 انتقاما لحرق القنصلية ، وما يحدث في النجف التي فرض عليها حظر التجوال و ذي قار والبصرة وعموم الجنوب والوسط العراقي .
لقد ايقن العراقيون ، أن الصدر ، شأنه شأن المرجعية ، يرغب في اخماد الثورة بأي طريقة ، واستقالة عبد المهدي بطلب خفي من السيستاني تعني - في ما تعنيه - أن يتصدر - اي الصدر - المشهد جنبا الى جنب مع هادي العامري لكونهما يمتلكان الكتل الاكبر في البرلمان ، ولما كان عبد المهدي قدم استقالته رسميا ، فإن مصير الاستقالة سيتم تحديدها من قبل نفس الطبقة السياسية التي جاءت به رئيسا للوزراء ، أي أن اللعبة لا زالت داخل النظام العراقي نفسه وداخل دستور بريمر ولا شيء تغير حتى الآن ، سوى اتساع رقعة الغضب الشعبي واعلان تضامن جميع العراقيين مع هذه الثورة وآخرها صلاة الغائب التي اداها العراقيون السنة في الانبار والمحافظات العراقية الغربية على ارواح شهداء الجنوب والوسط وخروج مظاهرات تأييد في الفلوجة والموصل تهتف لثوار البصرة والناصرية وذي قار وعموم المحافظات .
قبل اسابيع ، وخلال اشتعال الثورة في شوارع العراق ، كان الصدر ضيفا على ايران ، شأنه شأن كل القو ى السياسية التي تحج الى هناك ، وبغض النظر عن التعليمات التي حملها معه الى بغداد ، فإن الشارع لم يعد يثق به كما كان عليه الحال قبل الثورة ،إذ إننا بتنا نسمع ولأول مرة ، انتقادات مباشرة ضده وضد المرجعية بعد ان طلبت من المتظاهرين في خطبة الجمعة ان يبعدوا " المندسين " عن صفوفهم ، وهو نفس الوصف الذي اطلقه السفير الايراني في العراق " ايرج مسجدي " عندما اتهم الذين احرقوا القنصلية في النجف بأنهم عملاء للخارج ، ولنلاحظ مصطلح " الخارج " الذي يعني ان السفير الايراني يعتبر العراق ارضا ايرانية .
ما وصل اليه العراقيون لخصه تسجيل لرجل دين ممن يرتدون العمامة السوداء وهو يحاول ثني طالبات مدارس عن التظاهر ، حيث قام بزجرهن ودفعهن ليفاجأ بهتافهن : عراق حرة حرة ايران برة برة ، ومع انه عراقي إلا أنهن اعتبرن أن كل من يقف ضد الثورة ليس سوى ايراني الهوى والهوية .
ومن اطرف ما تناوله المغردون نشرهم فيديوهات على تويتر تؤرخ لما قاله مندوب المرجعية في خطبه وعبر اكثر من جمعة ، حيث دمجوا في نفس التسجيلات خطبا متناقضة ، قال السيستاني في احدها انه ضد التظاهرات في الشوارع وفي الخطبة التالية: انه مع مطالب المتظاهرين ، ولكنه يحذر من الانزلاق الى الفوضى ، وفي نفس الفيديو وضعوا مقطعا يظهر فيه مندوب المرجعية في حالة رعب مما يجري في الشارع صارخا : إن ما يجري يعني القضاء على الجميع وعلى كل العملية السياسية وطبقتها ، أي ان المرجعية باتت تخشى على نفسها ، وهو ما يفعله الصدر الآن ، حيث طلب من المتظاهرين - خجلا - الاستمرار في التظاهر ، ولكنه في نفس الوقت يدعو البرلمان لاتخاذ خطوات مهمة تجاه ما يجري ، اي انه لا يخرج عن العملية السياسية ، ولا عن النظام السياسي ولا عن دستور المحتل الامريكي الذي وضع هذه التقسيمة والمحاصصة الطائفية التي يعاني العراقيون جميعا من ويلاتها ومخازيها .
وبعيدا عن المقارنة الحرفية ، حيث لا وجه في الشبه والتخصص ولكنه للإستئناس ، فإن احدهم لم يتحرج من القول : إن ما اصاب مقتدى الصدر هو نفس ما اصاب العميل الايراني ابو عزرائيل ، غير ان الاول لم يتعرض للضرب ، أما الثاني فهو بلا أي شعبية الآن بعد ان ضربه المتظاهرون ضربا مبرحا مع الفرق في المكانة كما قلنا .
كما ويجب ان لا ننسى ، أن كتلة الصدر شاركت في كل الحكومات السابقة ، مما يعني انها جزء من منظومة الفساد ، ولذلك فإن الصدر ، وفي بيانه الاخير الذي اصدره الجمعة ، طلب من البرلمان التحرك ، اي انه لا زال على عهده مخلصا امينا للعملية السياسية والمحاصصة والطبقة اياها التي هو جزء لا يتجزأ منها .
ويخشى الصدر ، كغيره من القوى السياسية التي ابتلعت العراق ونفطه وخيراته وأهدته لايران أن تتحول مطالب الشارع بعد اسقاط الحكومة الى مطالبة باسقاط البرلمان ، وعندها سوف يبدأ الفرز على المكشوف ويتبين الثوار : من هو العراقي " الاصلي " ومن هو العراقي" المقلد " !.
جى بي سي نيوز - الاحد 1-12-2019