الحِوار الاقتصاديّ بين القطاعين
اِرتفعت وتيرة الحِوار بين القطاعين في الأشهر الماضيّة، وباتت اليوم قنوات الاتصال بين ممثلي القطاع الخاص والحُكومة مَفتوحة وبطريقة مؤسسيّة، رغبة من الجانبين في الوصولِ إلى حلول توفيقيّة للمشاكل التي تعترض الاقتصاد الوطنيّ، وتقف حائلاً أمام نُمُوّ الأنشطة الإنتاجيّة.
اليوم نشهد انسجاماً كاملا ًبين الحُكومة والقطاع الصناعيّ حول أولويات تَحفيز هذا القطاع الذي يُشكّل اكثر من 25 بالمئة من الناتج المحليّ، وباتت هذه التفاهمات تترجم إلى تلبية حقيقية لِجزء من طلبات واحتياجات القطاع الصناعيّ ومعالجة المشاكل والعقبات التي تعترض مسيرته ورفع إنتاجيته، فهناك خلية عمل بقيادة وزير الصناعة والتجارة شخصيّاً وفريقه الوزاريّ في متابعة كُلّ صغيرة وكبيرة تظهر في المشهد العام للقطاع الصناعيّ.
هذه التفاهمات الحكوميّة مع القطاعات الصناعيّة والتوصيل إلى هذا المستوى العالي من الانسجام والاشتراكيّة في الرؤيّة والحلول تحقق بسبب وحدة القيادة للجسم الصناعيّ التي وحدت الخطاب وحددت الأولويات التي يحتاجها القطاع ويتطلع لتحقيقها لِرفع سوية أنشطته الداخليّة والخارجيّة.
وحدة الجِسم الصناعيّ هي نتاج اليوم عن وجود رئيس واحد لغرفتي صناعة عمّان والأردن، وهذه العمليّة في غاية من الأهمية، لأنها أزالت اللبس والخلاف التاريخيّ بين الغرفتين في السنوات السابقة في ظل قيادة مُنفصلة لِكُلّ منهما، اما اليوم فهناك رئيس واحد وخِطاب إعلاميّ واحد، وخطة عمل واحدة، وجهود مركّزة باتجاه واحد، مما جعل التعامل الحكوميّ واضحاً مع الجهة المرجعيّة الواحدة للقطاع الصناعيّ، إضافة إلى قوة الطرح الذي تطرحه قيادة الغرفة الصناعيّة ومنطقيته في رفع ونُمُوّ الاقتصاد نتيجة دعم القطاع الصناعيّ، فلا نُمُوّ ولا تنمية دون نُمُوّ القطاع الصناعيّ.
تشاركية الحُكومة مع القطاعات الأخرى تسير بشكل تصاعديّ وإيجابيّ للغاية، لكّنه يفتقد للعمليّة المؤسسيّة في القطاع التجاري ليس مثل القطاع الصناعيّ الموحّد في جسمه وأهدافه وخِطابه، فالمعالجات لِمنظومة المشاكل التي تتم مع القطاع التجاريّ تتم بالقطعة، فالحُكومة تبادر للاتصال مع القطاع العقاريّ للوصول إلى تفاهمات لِتحفيز نشاطه المتباطئ منذ سنوات، والأمر كذلك لا يختلف بالنسبة لتجار السيارات والمعنيين في القطاع السياحيّ بكافة أنواعه، وهذا تمثل في الحزم التحفيزيّة التي باشرت الحُكومة في تقديمها مُنذ الشهر الماضي.
الشراكة مع الحُكومة هي أساس نجاح أيّة سياسة اقتصاديّة، لكن في الحقيقة الكرة اليوم في مرمى القطاع الخاص، فتجربة وجود مرجعيّة واحدة للقطاع الصناعيّ والنجاحات التي تحققت في تلبية وتحقيق جزء كبير من مطالبه بشكل مؤسسيّ ومنطقيّ، يفرض على مكونات القطاع الخاص الآخر أن يتوحّد تحت مظلة واحدة خاصة القطاع التجاريّ الذي يعيش اليوم للأسف حالة الغياب التمثيلي الحقيقي له، والاختلاف الحاد بين مكوناته، فكُلّ اثنين منهم يخرجون بثلاثة آراء، والأخطر من ذلك هو غياب القدرة في الحِوار المؤسسيّ مع الحُكومة بشكل سليم، والاكتفاء بخطاب ناقد لِكُلّ شيء على صفحات التواصل الاجتماعيّ ومخاطبة الوزراء من خلال الفيسبوك، وفقدان الاتصال بهم مُباشرة.
الدستور -