هل تفكك استقالة الحكومة الأزمة في العراق أم تعيد تركيبها؟
قدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالة حكومته يوم امس السبت لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي؛ استجابة لمطالب المتظاهرين في المدن العراقية خصوصا المحافظات الجنوبية. دعوات حظيت مؤخرا بدعم من المرجع الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني الذي انهت تصريحاته الاخيرة ملف حكومة عادل عبد المهدي، بعد تردد ومداولات طالت بين الاقطاب السياسية العراقية على مستقبلها.
السيستاني حسم ملف حكومة عادل عبد المهدي بعد ان اقتربت الازمة خصوصا في محافظات الجنوب من مستوى التمرد والمواجهات الواسعة، فهل تحسم استقالة رئيس الوزراء الازمة في الشارع العراقي وتفكك عناصرها، ام انها ستتطلب تدخلًا آخر للمرجع الاعلى علي السيستاني، خصوصا ان استقالة الحكومة تعد خطوة أولية وواحدة من مطالب عدة للمتظاهرين في الشارع تتضمن تعديل قانون الانتخاب، وآلية تشكيل الحكومات؟
الازمة في العراق لن تنتهي بمجرد استقالة رئيس الوزراء، وهذا امر مؤكد، إلا انها تمثل ممرا إجباريًا للخروج من الازمة تفترض تشكيل حكومة جديدة كبديل لحكومة تسيير الاعمال التي سيتولى شؤونها رئيس الوزراء المستقيل، ثم تتبعها انتخابات برلمانية مبكرة في حال توافق القوى السياسية عليها، وعلى قانون انتخابات جديد، ثم العودة الى اجراءات تشكيل الحكومة الجديدة ومفاوضاتها.
وفي كل مرحلة من هذه المراحل ستحتاج الى عملية تفاوض تجري على الارجح بين المكونات السياسية على وقع المواجهات في الشارع وعمليات التربص بين القوى السياسية المتصارعة، والاهم على وقع الضغوط الدولية والاقليمية.
إجراءات ومحطات ستتطلب على الارجح تدخل المرجعية علي السيستاني في كل محطة من هذه المحطات، لتجاوز العقبات والمعوقات، وهو تدخل عادة ما يكون بعد ان تنضج الامور، وبعد ان تخلو الساحة من المبادرين، والاهم انها تأتي لتنهي حالة انقسام وتشرذم تكاد تدفع محافظات الجنوب ومكوناتها الاجتماعية والقبيلة الى صدام لا تحمد عواقبه، وهو التهديد الذي حذر منه عادل عبد المهدي، ودفع المرجعية إلى التدخل المباشر.
نعم الازمة في العراق كرست مكانة الشارع، وأكدت ضرورة ايجاد حلول سياسية للمشاكل الادارية وللفساد بكافة انواعه، كما أكدت ضرورة اصلاح النظام السياسي، كما كرست مكانة المرجعية في النجف كفاعل حاسم لتحريك الازمة عن مربع الانسداد؛ فالعراق يطور نظاما سياسيا جديدا يحتاج الى مزيد من التأمل والتدقيق لعمليات الفك والتركيب، لفهم تفاعلاته، وعمق الاصلاحات التي تتم فيه، وأدوار الفاعلين ورغباتهم.
السبيل