عبد المجيد تبون ومنصة محمد بوضياف
اجراء الانتخابات الجزائرية ، لم تحسم خلاف الجزائريين في الاصل ، فكيف سيكون عليه الحال وقد جرت وفاز فيها رجل شغل في يوم ما منصب رئيس الوزراء في عهد بوتفليقه ؟ .
بالفعل ، لقد انطلقت المظاهرات المنددة بالانتخابات ونتائجها في عدد من المحافظات بينما صمتت محافظات اخرى .
عبد المجيد تبون ، الذي خاض الانتخابات كمرشح مستقل رغم انه من ضمن كوادر حزب جبهة التحرير ، بدأ يحاول منذ اليوم الاول لفوزه إماطة ما علق في سيرته من اتهامات عن انه امتداد للنظام السابق ، أو انه جيئ به من قبل النخبة الحاكمة فكان رده أن كانت اولى تصريحاته تخص الجزائر والجزائر فقط ومصالحها العليا .
فاز إذن عبد المجيد تبون كرئيس ثامن للجزائر بعد ان تمكن من الحصول على 15،58 % من الاصوات ، في الانتخابات التي سجلت نسبة التصويت فيها 40 % من عدد من يحق لهم الانتخاب ، فهل يجوز التنبؤ بما سيكون عليه حال الرجل في المستقبل القريب ؟؟
لم يترك تبون للآخرين حرية الاجابة عن هذا السؤال ، فقد بدأ هجوما شرسا ضد متهميه قبيل الانتخابات بتأكيده أنه خلع من رئاسة الحكومة بأمر من بوتفليقة ، وليس هذا فقط ، بل اكد بأنه تم تمزيق صورته الشخصية المعلقة على جدار في رئاسة الوزراء ليصبح هو رئيس الوزراء الوحيد منذ العام 1962 الذي لا تؤرخ سيرته ولا تعلق صورته ، وهذا كاف ، بنظره ، ليفهم خصومه بأنه ليس من " عصابة " بوتفليقة وان كان شغل موقع رئيس الوزراء في عهده .
وتكريسا لما قاله ، أعاد التأكيد على أن مطالب الحراك شرعية ، اي انه لم يطلب من الحراك التوقف ، بل " الحوار " وهي خطوة من شأنها ان تعزز من مكانته لدى بعض العامة ، وتجلى ذلك من خلال الصمت الذي لف محافظات بعينها يبدو انها قنعت بما تحقق حتى الآن أو أنها تترقب .
ما نود الحديث عنه هنا ليس ما ذكرناه آنفا فقط ، بل إن خلفية الرجل ومواقفه السابقة هي التي دفعت به الى الواجهة ، وكما يبدو ، فإن الجزائريين كانوا امام طريقين : إما عروبة الجزائر المسلمة كبلد واحد لكل مواطنيه واستمرار تأصيل ذلك في دستور البلاد ، وإما التقسيم ، وبالمحصلة : الغاء صفة العروبة من الدستور ، والاسلام من دين الدولة ، وهو ما كان يدفع به العلمانيون المؤيديون من قبل الغرب وخاصة من الفرنسيين الذين لم تعجبهم نتيجة الانتخابات ، ولكن : لما كان الجزائريون من اشد الشعوب حبا لبلدهم وحماسا لمصالحه العليا فقد شاركوا في الانتخابات بشكل غير متوقع لتكون هذه النتيجة التي لم تعجب كثيرين ممن كانوا يراهنون على استقلال عدد من المحافظات على طريقة الحكم الذاتي أو الفيدرالي او الكلي في بعض المراحل وخاصة أولئك الذين كانوا يرفعون الاعلام الاثنية في الشوارع .
وخوفا على هذا البلد العربي المسلم الكبير من أن يتم تقسيمه ، ولإدراك الشعب الجزائري هذه الحقيقة قرر اختيار عبد المجيد تبون ، ليس لأنه المخلص ، ولكن لأنه الرئيس " الضرورة " الذي تعهد بالحفاظ على اسلامية البلد بل وعروبتها رغم انه " امازيغي " العرق .
نعم : عبد المجيد تبون ، امازيغي صوت له العرب والامازيغ بعد ان كادت الجزائر تنزلق الى دويلات ، ولعل الايام القادمة تحمل مفاجآت لا قبل لتبون بها ، إذا علمنا بأن وراء كل هذا الذي جرى يقف " العسكر " ناهيك عن الدولة العميقة " .. فهل سيحمي الجيش تبون ويقف معه أم أننا سنشاهد منصة محمد بوضياف مرة أخرى ؟؟.
هذا ما لا نرجوه للجزائر وشعبها الاصيل النبيل من مختلف اثنياته ومذاهبه .
جى بي سي نيوز - الاحد 15-12-2019