روبرت فيسك: الأردن نقطة مضيئة بالمسيحيين
وسط إقليم مشتعل، يعاد تفكيك المفكك فيه، وقبل عشر سنوات، وتحديداً العام 2010 كتب الكاتب البريطاني روبرت فيسك مقالاً في صحيفة الاندبندنت، بعنوان «الخروج: تغير خريطة الشرق الأوسط» حذر فيه من الانزلاق نحو التطرف الديني، وأشار إلى خروج المسيحيين من العراق ومن القدس والهجرة من لبنان، واستعرض آراء تثبت تناقص الوجود المسيحي في المنطقة بفعل التضييق والتهميش والتطرف الديني الذي يحاصر نصارى الشام والرافدي، كما أكد على أن الإرهاب لا يعرف مسجدا أو كنيسة بل هو يستهدف الجميع.
فيسك بالتأكيد لم يكن ينتظر حينا اتصالاً من أحد يشكره على وصفه للأردن بالملاذ، وهو بمثل ما يكتب مادحا فإنه أحيانا ينتقد بعمق، وهذا ما يُجيش الكتاب ضده بفجاجة وصبيانية، وفي حين هو لا يقرأهم، فإنه عندما يكتب ايجابياً لا يشار له وربما هذا الأمر لا يعنيه.
في الوقت الذي وضع فيه فيسك التحذير من خطر هجرة المسيحيين من المنطقة، كانت العراق أكثر المناطق اضطراباً، وللأسف استمر الجرح نزفا لاحقاً في سوريا والعراق وبخاصة بعد الاعتداء السافر على الإرث المسيحي في الموصل وبقية المناطق العراقية على يد عصابة داعش وبقية المنظمات الإرهابية التي اختطفت رهابانا ورجال دين مسيحي.
لاحقا يستقبل الأردن جزءا منهم، ومن الازيدين، ويرحب بهم، وينبري الملك عبدالله الثاني للدفاع عنه، وينزعج من تسهيلات الهجرة لهم، لأن اخراج المسيحيين من المنطقة هو تفريغ للمنطقة من هويتها الحضارية.
ختاما، ما قاله فيسك بحق الأردن، جميل ويستحق إعادة التذكير، كون المسيحية أصيلة في بلادنا وساهمت في بنائها وحفظت هويتها العربية أمام كل موجات الغزو، وقد قال عن الأردن في مقاله:».. في الأردن، كانت الأسرة المالكة تحمي سكان الأردن المسيحيين. ويبلغ عدد المسيحيين الآن 350 ألف نسمة، ولعل حالة المسيحيين في الأردن أن تكون فسحة الأمل الوحيدة في المنطقة «.
فيسك انتقد المسلك المسيحي الغربي فقال:» وبينما يستنكر مسيحيو الغرب بشكل روتيني نقص أعداد المسيحيين في الشرق الأوسط، فإن زياراتهم إلى المنطقة تنزع إلى أن تقتصر على زيارة الأماكن المقدسة الواردة في التوراة بدلا من لقاء نظرائهم المسيحيين هناك. وأما الأمريكيون، المسكونون بخرافة صراع الحضارات بين الغرب والشرق منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، فيبدون على الأغلب وكأنهم يعتبرون المسيحية دينا غربيا أكثر منه دينا مشرقيا، وبذلك فهم يفصلون ببراعة بين الجذور المشرقية لديانتهم وبين أرض الإسلام. ولكن ذلك بحد ذاته خسارة للعقيدة..»
الدستور -