لماذا ألغى المرحوم الأمير زيد بن شاكر خدمة العلم ؟

المدينة نيوز - خاص - اعتبر مراقبون : أن طلب المواليد من العام 1974 – 1993 لخدمة العلم مخرج " ذكي " لأزمات الشباب التي بدأت تطفو على السطح في الآونة الاخيرة ، بعد أن أخذ الفيس بوك الذي يشترك فيه أكثر من مليون شاب أردني كافة نشاطاتهم الفكرية والسياسية والإجتماعية ، لتبدأ مراحل ما أطلق عليه البعض " حشد شبابي " تبدى حراكه الفعلي في حركات شبابية متعددة ، أبرزها " جايين " و " 24 " آذار وغيرهما ..
وإذا كانت خدمة العلم مطلبا شعبيا بامتياز قبل أن يكون حكوميا كونه يصقل الشباب ويغرس مفاهيم وقناعات جديدة لدى كثير منهم حول الإنتماء الوطني ، إلا أن خبراء ومراقبين اعتبروا أن ذلك غير مضمون ، على اعتبار أن هذه المدة القصيرة من التدريب والإنغماس فيه ليست كفيلة أو غير كافية ، إلا إن كان المقصود غير ذلك ، وله انطباعات سياسية تهدف للحد من فورة الفيس بوك وحماسات الإصلاحات السياسية التي قد تعطل الإصلاح نظرا لفورتها الشبابية وعدم تأنيها في الوصول إلى الإصلاح بالعقل والمنطق . .
وإذا نظر إلى الأمر من الناحية الإقتصادية ، فإن الأمر غير مضمون النجاح كما يقول الكاتب فهد الفانك ، الذي انتقد توصية المجلس الإقتصادي بخدمة العلم ، وتناول الامر اقتصاديا حسب تخصصه حيث كتب قائلا :
من حق المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يثبت وجوده بطرح أفكار بناءة جديدة تساعد في تقدم البلد اقتصادياً واجتماعياً. لكن إعادة خدمة العلم ليست فكرة جديدة ولا بناءة ، وقد جربناها وفشلت حتى عندما كان لها مبرر وطني في ظل كون الأردن آنذاك في حالة حرب.
عندما ألغيت خدمة العلم في عهد حكومة الأمير زيد بن شاكر رحمه الله ، لم يأت القرار من فراغ ، فالذي اتخذه هو ابن الجيش في المقام الأول ، وقد أدرك أن خدمة العلم كانت عنصراً سلبياً.
زيد بن شاكر ، رئيس الوزراء في حينه ، شرح لنا الأسباب الموجبة ، فقال: إن الجيش الأردني جيش محترف ، كل ضباطه وجنوده التحقوا بسلك الجندية باختيارهم ، فهو جيش متطوعين وليس جيش مجندين رغم أنوفهم.
من ناحية ثانية فإن النوعية التي قدمتها خدمة العلم إلى الجيش لم تكن النوعية المرغوب فيها ، فهناك عناصر لا تختلف عن جمهور المشجعين في المباريات الرياضية ، ووجود هؤلاء في الجيش لا يشكل إضافة نوعية.
المجندون رغم أنوفهم لم يقدموا خدمة للجيش ، وعلى العكس استهلكوا طاقاته التدريبية والإدارية عبثاً. الجيش الأردني جيش نخبة ممتازة ويجب أن يظل كذلك.
عندما بدأ تطبيق خدمة العلم كان ذلك علاجاً للبطالة عن طريق سحب الخريجين من المدارس والجامعات إلى خدمة العلم بدلاً من سوق العمل. وبذلك انخفضت البطالة مؤقتاً دون أن ترتفع الإنتاجية.
وعندما ألغيت خدمة العلم بعد التجربة والفشل ارتفعت نسبة البطالة بشكل قفزة ، لأن ماكينة توليد الوظائف لم تستطع التعامل مع جيشين من الخريجين في سنة واحدة ، أحدهما قادم من المدارس والجامعات ، والثاني قادم من خدمة العلم. وما زالت نسبة البطالة مرتفعة منذ ذلك الحين بسبب الاختلال الذي خلقته تلك الخدمة.
من المدهش أن يبرر المجلس الموقر دعوته لإعادة خدمة العلم بأنه لتحقيق الاندماج وتكريس قيم المساواة والمنافسة والعمل والإنجاز ومنع تفشي الواسطة والمحسوبية.
كيف يمر هذا الكلام ، ومتى كانت خدمة العلم تحول دون الواسطة التي تحدد موقع المجند ، وأي عمل وإنجاز قام به المجندون ، وهل حققوا الاندماج؟.
خدمة العلم في الظروف الراهنة تعني هدر سنة من عمر كل شاب أردني يخرج إلى الحياة ".
انتهى كلام الفانك ، ولكن توصيات بإعادة خدمة العلم طرحها نواب في عدد من المجالس ، إلا أن الحكومات كانت تغض النظر عنها لأسباب اقتصادية حينها ، وتتعدد القراءات والإستنتاجات ، غير أن أكثر ما يلفت هو دعوة الإناث ، وهي قضية قد تخلق مشاكل تضع الأمر برمته تحت طائلة الإلغاء أو إعادة النظر ، وبالذات إن اعتبرنا أن المولودات في السنوات المذكورة أصبحن في عداد " الكبار " ..
" و كانت القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية «دائرة التعبئة والجيش الشعبي» قد ( دعت الخميس جميع المواليد الذكور المطلوبين لخدمة العلم من عام 1974 ولغاية عام 1993 ممن لا يحملون دفاتر خدمة علم مؤجلة حسب الاصول، الى مراجعة شعب ومكاتب دائرة التعبئة والجيش الشعبي ضمن مناطق سكناهم خلال شهر من تاريخه لحصرهم وتسوية موقفهم.
واكدت دائرة التعبئة والجيش الشعبي أنه ستطبق على من يتخلف عن المراجعة ضمن المدة المقررة العقوبة المنصوص عليها بقانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية رقم 3 لسنة 1986 والتي تنص على انه يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن ستة اشهر كل من يتخلف بدون عذر مشروع عن الحضور امام اي لجنة من لجان الفحص والحصر والتدقيق عند دعوته اليها بمقتضى أحكام القانون.
وبينت الدائرة في اعلانها ان الوثائق المطلوبة هي «دفتر خدمة علم، وهوية الأحوال المدنية، ودفتر العائلة، وصورتان شخصيتان».
وكانت الحكومة اعلنت انها تدرس مقترحات مقدمة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإعادة خدمة العلم بهدف إخراج الشباب الاردني من دائرة الولاءات المناطقية إلى دائرة الانتماء الوطني.
واشتملت المقترحات أن «من لا يرغب بإكمال تعليمه الجامعي يخضع لفترة تدريب عسكري في معسكرات القوات المسلحة لمدة ثلاثة شهور يركز فيها على جانب اعتماد برامج توجيه إلزامية تتضمن مواد للتربية الوطنية والثقافة المدنية والقانونية ومن ثم الانتقال إلى فترة تدريب مهني لمدة ثلاثة أشهر على إحدى الحرف وفترة عمل لمدة ثلاثة أشهر اخرى يتقاضى فيها أجرا عن عمله».
أما الاناث فتختصر المدة إلى ستة شهور تشتمل فترة تدريب مهني وخدمة مجتمع إضافة إلى فترة عمل مدفوعة الأجر بالتنسيق مع وزارة العمل.
كما قدم المجلس الاقتصادي مقترحا يقضي بإلزام من أكمل الثامنة عشرة من عمره خلال عشر سنوات بالخضوع الى فترة خدمة علم اجبارية لفترة تمتد من ستة شهور الى عام تشتمل على التدريب العسكري والمهني وخدمة المجتمع، بحيث يتم توزيع المكلفين على محافظات اخرى لضمان اندماج وانصهار المكلفين في المجتمع كما يخصص جزء من العام كفترة عمل مدفوعة الأجر بالتنسيق مع وزارة العمل والوزارات المعنية والقطاع الخاص بناء على طبيعة التدريب) .( الدستور ) .
إلى ذلك ، فإن خدمة العلم للشاب الأردني تعتبر تجربة تستحق أن تخاض ، ولكن يجب أن تدرس من كافة نواحيها ، ويقول مراقبون : إن قرارا كهذا بالإمكان الرجوع عنه ، فهو – في المحصلة – ليس قرآنا يتلى ، وعلينا أن نعيد قراءة ما قاله الأمير المرحوم ، فإنه ذو تجربة ومراس ولم يتخذ قرار إلغاء خدمة العلم من فراغ .
****
وكانت القيادة العامة قد اصدرت توضيحا الاحد بينت فيه ان طلب المواليد المذكورين هو طلب يتكرر تباعا كل عام و هو امر روتيني من اجل حصر اعداد الاشخاص اللذين يشملهم قانون خدمة العلم و الخدمة الاحتياطية , و قلنا ما قلناه اعلاه لتوضيح بعض المحطات التي وقف فيها قانون خدمة العلم و الاجراءات التي تمت عليه.