" توظيف " الدين " في صفقة القرن
الذي تابع حركات ترامب الصبيانية خلال اعلانه صفقته البائدة يدرك كم ان هذا الرجل غبي وأحمق بلا حدود .
اعتقد رئيس اقوى دولة في العالم بأن صفقته الشوهاء لايمكن الخروج عليها ، بل وصلت به البلاهة و" التياسة " أن يستمر" بغمز" الحضور بعينه وخاصة المؤثرين منهم في الكونجرس تملقا " غير عابئ بوسائل الأعلام ، والهدف أن يحموه ويناصروه سواء في اروقة مجلس الشيوخ الذي صوت لصالحه قبل يومين في انتظار التبرئة المرتقبة ، او في الانتخابات القادمة ، حينما يقول لانصاره من المسيحيين الانجيليين المتصهينين ، وهم أغلب قواعده : إنه أوفى بوعده تجاه اسرائيل وتجاه اليهود، وبالتالي تجاه معتقدهم بأن المسيح لن يعود الا اذا اصبح لليهود دولة في فلسطين وتم بناء الهيكل المزعوم على انقاض المسجد الاقصى ( تنويه لمن لا يعرف : المسجد الاقصى هو الارض وليس البناء ، اي كل الجبل وليس المسجد المعروف فقط ) .
هكذا هو العالم الذي يحكمه مصاصو الدماء من قادة على هذه الشاكلة يشبهون بتصرفاتهم ترامب " الخالق الناطق " مع فرق بلون الشعر والبشره أحيانا من أمثال خامنئي وملالي ايران عموما وبشار الاسد ونتنياهو واشباههم .
عالم ساقط بدون قيم ، يغشاه سدنة النظام الدولي المتصارعون الآن على نظام جديد ليعيد كل منهم تثبيت انظمة بلدانهم الفاسدة في المنظومة التي يُعَد لانتاجها ، عالم تباد فيه - عربيا - آلاف الانفس البريئة في سوريا وفي ادلب على ايدي الروس جهارا نهارا ، وتدمر فيه ايران اليمن حجرا حجرا ، وتنتهك فيه الحرمات في العراق المحتل من قبل المعممين الفاسدين التابعين للولي الفقيه ، وتتحكم فيه الميليشيات بقرار لبنان من "الجلدة للجلدة " ، وقبل هؤلاء وبعدهم ما يجري للشعب الفلسطيني العظيم الذي ينوب عن الامة في الدفاع عن اولى القبلتين وثالث الحرمين ، أما دوليا فهو عالم تتحكم فيه قلة قليلة من ذوي الحظوة والوفرة الدولارية ، بمصائر الملايين من الشعوب المطحونة المستعبدة عبر العالم .
ولكي لا يصل الامر الى ان يندب النادبون ويلطم اللاطمون ، فإن هذه الصفقة الاجرامية كما سبق وقلنا قد ولدت ميتة ، ليس فقط لانها طرحت من طرف واحد ، ولا لتعارضها مع ما يسمى القانون الدولي ، بل ، وهذا هو الأهم : لأن مليارا و800 مليون مسلم يرفضونها لاسباب تتعلق بعقيدتهم ومسجدهم الاقصى الذي هو جزء من دينهم ، ويحضرني هنا مقولة سمعها كلنتون ومن بعده بوش الابن وسمعها اوباما ومن ثم ترمب من الفلسطينيين عندما ردوا على التسويات التي عرضت عليهم قائلين : " اعطونا ورقة موقعة من جميع المسلمين بالتخلي عن القدس وفلسطين وسنقبل خططكم للسلام الموهوم " .
بإمكان ترامب الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني هذا العام .. بإمكانه ان يطلق الوعود لناخبيه ويطرح خطة ، ولكن ليس بإمكانه أن ينفذها ، فالصفقة منتهية إلا من آثارها التي شهدنا اشباها لها تحت مسميات اخرى ، واذا كانت قراءتنا الاولى عن موت الصفقة اعتمدت على الانتخابات الاسرائيلية ووضع نتنياهو الخطير في المنظومة السياسية الاسرائيلية والاخلاقية بسبب فضائح فساده وهشاشة حصانته ، فإن قراءتنا الثانية هذه تعيد التأكيد بأنه لا فرق بين ان تضم مستوطنات وبين ان تنصب جدارا يقطع اوصالك ، وبين ان تبتلع الاقصى وبين ان تنظمه زمانيا ومكانيا ، ولا فرق أيضا بين ان تسيطر على كل الارض بالقوة العسكرية وبين ان تقسمها لفئات أ و ب و ج .. لا فرق بالتأكيد ، لأن فلسطين كلها تم ابتلاعها أصلا ، ولكن العتب واللوم ليس على المبتلع الذي هو عدو مبين ، بقدر ما هو على الذين وافقوا على هذا الابتلاع ووقعوا اوسلو وقبلوا بأن يكونوا عبيدا للكيان وسدنة لامنه قبل ان يحاولوا الآن الايحاء بأنهم افاقوا من نومهم ، مع دعائنا ان يكونوا قد افاقوا فعلا .
هي صفقة لا يقامر بها الا الخاسرون ، ولقد احصى حتى كتاب اسرائيليون فقرات في الصفقة منقولة حرفيا من كتاب نتنياهو " مكان تحت الشمس " الذي اصدره قبل ربع قرن ، بمعنى : أن ترامب لا يعلم عن الخطة شيئا واوكل كتابتها لصهره كوشنر ورفيقه في الفساد والافساد رئيس وزراء الكيان ، وطاقمه الصهيوني في الاداره ، فرأيناه - ترامب - ارتكز في اعلان الخطة على الدين ، وبالفعل قرأ نتنياهو بضع فقرات من التوراة عن " حق الاجداد " ..
المسكين .. استند الى التوراة دون ان يعلم شيئا عن سورة "الاسراء " .
جى بي سي نيوز