عباس في مجلس الامن .. ماذا بعد ؟
عندما تحط رحال عباس في نيويورك لعرض القضية من جديد على مجلس أمن يتمتع خمسة من اعضائه بالفيتو ، فإن كل واحد من الاربعة الكبار لن يغني فتيلا ولن يجدي سواء وافق على حديث الرئيس الفلسطيني او لم يوافق ، والسبب مفهوم وهو أن فيتو الشخص الخامس هو الحاسم ليعود الرجل القهقرى الى رام الله ، إن سمح له بالدخول اليها .
كيف تتم الشكاية لمجلس تتمتع اسرائيل فيه بالفيتو " أمريكا " وهل استطاع المجلس العتيد تنفيذ أي قرارات أجمع عليها اعضاؤه دون ان يكون هناك تقسيم للمصالح وتوزيع للادوار ، والقضية الفلسطينية أكبر مثال قديم ، والسورية أعظم مثال حديث لمن القى السمع وهو شهيد بعد ان تراوحت الاجواء بين الفيتو الامريكي والفيتو الروسي واللعب الاوروبي على الحبال .
يقول عباس ، انهم يعلمون بالفيتو الامريكي قبل وقوعه ، ولكنهم بعد الفيتو سيذهبون الى الامم المتحدة للتصويت على رفض الصفقة ، وهنا يطرح رجل الشارع العادي نفس الأسئلة : ماذا فعلت لكم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بل ماذا بإمكانها أن تفعل حتى لو رفضت الاغلبية الساحقة في الامم المتحدة الصفقة ؟؟.
سيقول لنا جماعة اوسلو بأنهم فهموا الآن اللعبة ، وأدركوا بان الولايات المتحدة لن تعطيهم شيئا طالما أن ترامب في السلطة، فيطرح المراقب ذات السؤال : وماذا اعطاكم اوباما من قبل ، ومن قبله كل الديمقراطيين الذين حكموا البيت الأبيض ؟؟ .
من الذي دمر القضية الفلسطينة غير اوسلو وشلة اوسلو ؟؟
في مؤتمر مدريد ، بداية التسعينيات من القرن الماضي ، ألزمت الولايات المتحدة اسرائيل بالحضور فحضرت تحت ضغط جيمس بيكر الذي اوقفت حكومته ضمانات القروض للكيان بعشرة مليارات دولار من اجل وقف الاستيطان في القدس مؤقتا ولخمس سنوات ، أي أن العشرة مليارات كانت رشوة لاسرائيل كي تتوقف عن بناء مستوطنات في القدس ولو بشكل مؤقت ، وتقابل الجميع وجها لوجه في مؤتمر كان مجرد كذبة سياسية ، توطئة لاستفراد الولايات المتحدة بالملف ، ولم يكن بالإمكان حضور الوفد الفلسطيني لولا أن عرفات اعترف باسرائيل لاول مرة نظير تعاطي واشنطن مع المنظمة سياسيا ومنذ تلك اللحظة التي خرق فيها عرفات والمنظمة ضمنا ميثاقهم التاريخي بدأ الخراب يحل بالقضية الفلسطينية ، فتوالت الصفقات والتفاهمات من فوق الطاولة ومن تحتها وليتبين بأن أوسلو كان يجري بنسق سريع جدا وبأن عرفات وعباس وقيادة المنظمة وافقوا على تأجيل بحث قضية القدس واللاجئين إلى ما بعد اتفاق غزة - اريحا الذي لم يتم تنفيذه هو الآخر ، ضمن ما سمي " الحل النهائي " وليس هذا فقط ، بل إن عباس ، في مؤتمر وزراء الخارجية قبل ايام ، اعترف بموافقته على أن تكون دولته المستقلة منزوعة السلاح للتأكيد على أنه رجل سلام وكأن فلسطين تركة شخصية ورثها عن عائلته قبل طردها من صفد في العام 1948 .
كل ما جرى للقضية الفلسطينية يتحمل مسؤوليته هؤلاء الذين رضوا بأن تقسم فلسطين الى مناطق ضمن الحروف الابجدية ، وليس هذا فقط ، بل أن يمهدوا الطريق لطرد عرب المثلث وغدا عرب الجليل عموما الى بضع دونمات متناثرة هنا وهناك في ضفة مقطعة الاوصال تم ابتلاعها بموافقتهم من حيث يعلمون او لا يعلمون ، إذ لولا انهم تاجروا بالقاب السيادة والفخامة والوزارة ولولا انهم قبلوا بان تكون القدس موضع مساومة واللاجئون في ذيل قائمة الملاحق السرية الفظيعة التي بدأت تتكشف على السنتهم هم أنفسهم ، لما كان لكوشنر ولا لوالد وجد كوشنر ولا لترامب ولا الذي خلف ترامب ان يطرح هذه الخطة وبهذه الصفاقة والاحتقار لكل العرب ولكافة المسلمين .
سيخطب عباس مرة اخرى من داخل مجلس الأمن ، وبالتأكيد سيتحدث بنفس ما تحدث به لوزراء الخارجية ولكن مع بعض " الحصافة " التي يتطلبها موقع " الفخامة والسيادة " أمام وفود 15 دولة بينهم 5 دول تهيمن على النظام الدولي بكل ما فيه ، من الابرة حتى الصاروخ .
سنستمع الى صاحب الفخامة ، وبرغم انه سيواجه بالفيتو ستعلن سلطته بانه عاد منتصرا بقرار من الجمعية العامة برفض الصفقة ،ولكن قبل هذا وذاك يسال كثيرون : إذا كنتم غاضبين من خطة ترامب ، ومن ابتلاع القدس ، فماذا تقولون في خطة عمرها 25 عاما طرحت في جنيف في العام 1995 تحت مسمى : خطة بيلين - ابو مازن .
اقرأوها في الوثائق الفلسطينية او اسألوا عنها يوسي بيلين .
كيف يأمن المرء لمن فرط بقطار القضية ان يعيده الى سكته الاصلية التي تحولت مع الزمن ، وبفعل هؤلاء الى سكة صدئة مقطعة الاوصال تتجه الى لا مكان ؟؟.
من الذي " خوزق " القضية سوى اصحابها غير الشرعيين ، ومن الذي فسخ الشعب وجعله شعبين ، واحد في ما تبقى من ضفستان والآخر في غزستان ، من هم غير هؤلاء الذين فعلوا بفلسطين الافاعيل وانتهى بهم الامر الى ان استبدلوا الهوية الفلسطينية ببطاقة صراف آلي ! .
جى بي سي نيوز