ادلب .. مدينة تذبح ولا مغيث !
لا يجد المرء ما يمكن ان يضاف لما قيل ويقال عما يجري في ادلب ، ونحن من ضمن الذين كتبوا وحذروا ، إذ لو بحثت عن اي جديد في مختلف التقارير والمقالات والتحليلات والصور الاخبارية وغيرها فإنك لن تجد شيئا ، لأن كل المفردات لن تخرج عن : قصف ، قتل ، تدمير ، تشريد ، حرق ، نبش قبور ، تعذيب إلخ..
ما سبق وقلته عن ادلب في مقال نشره هذا الموقع في الرابع من آب العام الماضي ، هو نفس ما يمكن ان اقوله الآن ، واعود الى هذه المدينة المستهدفة بمقال مكرور ، إذ لا اعتقد أنه يحق لأي كاتب أن يتجاهل تشريد مليون شخص من مدينتهم ذات الاربعة ملايين المراد تدميرها على رؤوسهم ، و ارغام 150 الفا على العيش في العراء تحت الأشجار والظلام والبرد والمطر، بأبنائهم ونسائهم واطفالهم وجرحاهم ومرضاهم ،هربا من قصف الروس والنظام وميليشيات ايران " المقاومة والممانعة " بعد أن اتحد كل هؤلاء على قتل وذبح شعب اعزل نسيه العالم المنافق الذي وضع اصابعه في آذانه فجورا ، واستغشى ثيابه استخفافا ، دون ان يجد هذا الشعب المظلوم ناصرا ومعينا أو حاميا من مدعي حقوق الانسان والديمقراطية وحقوق المرأة والطفل وغيرها من هيئات الكذب والدجل والنفاق الدولية التي لا تسمع منها غير القلق والامتعاض والاستنكار وتحديد الارقام .
كتبنا مقالنا السابق تحت نفس الأجواء وضمن تلك السياقات مع اختلافات شكلية بحكم الزمان وليس المكان ، ولا نجد بأسا في اعادة نشره ، فما اشبه الليلة بالبارحة :
مهزلة وقف اطلاق النار في ادلب
من مهازل المواقف الروسية في سوريا ، أن موسكو اثنت على وقف اطلاق النار " المشروط " الذي اعلنه النظام في ادلب تزامنا مع انعقاد اجتماع استانا الاخير ، في موقف أقل ما يقال فيه إنه مكشوف ومفضوح و" عيب " ان يصدر من دولة عظمى ، عضو في مجلس الأمن .
ليس كاتب هذه السطور من يقول ذلك ، بل ممثل الامم المتحدة في مجلس الامن شخصيا ..
فقد قال وكيل الامين العام للامم المتحدة ومنسق القضايا الانسانية " مارك لوكوك " في جلسة لمجلس الامن قبل ايام : إن الروس يدعمون المذابح في سوريا ، ويشاركون فيها .
أضاف بأنه ومنذ ثلاثة شهور ترتكب المذابح في ادلب بدعم روسي ، في حين قال المفوض السامي لحقوق الانسان إنه وخلال ثلاثة شهور قتل 550 سوريا في قصف للنظام وقصف للطائرات الروسية ما ادى لوقوع مذبحة جديدة في ادلب في منطقة خفض التصعيد ، بينما قتل 100 سوري خلال اسبوعين في ذات المنطقة ، كاشفا عن قصف الطائرات الروسية والنظامية للمدارس والمستشفيات مع ان منطقة خفض التصعيد المتفق عليها ايرانيا وروسيا وتركيا تأوي 4 ملايين سوري تجمعوا من مختلف مناطق سوريا ابان فترات الترحيل الروسية المعروفة .
وكما قلنا في استهلالنا لهذه المقالة ، فإن اعلان النظام " موافقته " على وقف اطلاق النار في ادلب يثير كل عبارات السخرية من نظام لا يملك لا " الموافقة " ولا " الرفض " ويفعل ما يؤمر من قبل الايرانيين والروس في أي ارض بسوريا وتحت اي سماء ، وجاء موقفه الاخير بعد الانتقادات الاخيرة .
والمهزلة الاخرى : ان موسكو اعلنت ترحيبها بالقرار " السوري " وفق ما جاء على لسان الموفد الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرنتييف خلال مشاركته في الجولة الـ 13 من اجتماعات استانا .
وكما يبدو ، فإن سيناريو حلب لا زال على طاولة الروس في ادلب ، ولقد شاهدنا جميعا كيف أن الحملة الاخيرة على هذه المدينة كانت تحمل نفس البصمات ، حيث لا زال سلاح الجو الروسي المنطلق من مستعمرة " حميميم" يطبق تجربة " جروزني " ، التي تكررت في حمص وحلب والغوطة وغيرها .
كل الاصابع تلعب في سوريا ، وما لم يتم منح جميع المشاركين في المذابح من الشرق والغرب مضافا اليهم اسرائيل ، جزءا أو " وضعا " ما في هذا البلد العربي الذي دمره النظام وحلفاؤه ، فإن النزيف السوري لن يتوقف ، لا وفق أستانا ، ولا وفق جنيف ولا غيرهما ، فكيف إذا علمنا بان الامريكان يدفعون بمئات الاطنان من الاسلحة الى مناطق سوريا الديمقراطية ..
هل ستنتهي الأزمة السورية ، او الثورة السورية ، او الحرب السورية .. كلا بالطبع ، إلا اذا تحقق الشرط المذكور ،وهو تقسيم الكعكة حتى آخر مثقال حبة خردل فيها .
جى بي سي نيوز