لماذا يقلصون أعمالهم في الأردن؟
في الاستطلاع الدوري الذي ينفذه منتدى الاستراتيجيات الأردني بشكل فصلي لمسح ثقة المستثمر، أظهر المؤشر تحسنا طفيفا في الجولة الأخيرة بما عكس شيئا من التفاؤل حيال الأداء المتوقع خلال العام 2020، ومن ضمن الأسئلة التي يوجهها الاستطلاع هناك عدد من الأسئلة التي تحاول تلمس ما يسمى بعوامل الطرد والجذب للاستثمار، بمعنى آخر ما هي العناصر الرئيسية التي تشجع المستثمر من القطاع الخاص على البقاء في الأردن أو تلك العناصر ذات الأثر السلبي التي تجعله يفكر بالرحيل.
وفقا لآراء المستطلعين، والذين هم فئة كبيرة من مختلف القطاعات والجنسيات، فإن أهم العوامل التي تعتبر معيقة ووصفها الاستطلاع على انها “عوامل طرد داخلي” مرتبط بضعف السوق المحلي، اذ أكد 46 في المائة ان هذا العامل يعتبر هو الأكثر حسما في تقرير توسيع أعمالهم أو الاستمرار فيها من عدمه داخل الأردن، يتبع ذلك ارتفاع الضرائب وكلف التشغيل بنسبة 13 في المائة، يتبع ذلك ما نسبته 6 في المائة اشتكوا من عدم وجود تسهيلات والإجراءات القانونية المعقدة، وقفز عامل ضعف الطلب المحلي كعامل محدد ورئيسي قياسا بالعوامل الأخرى، ويمكن ان يعزى هذا الأمر الى حالة التباطؤ الاقتصادي وتراجع الطلب المحلي وضبابية الرؤيا بحيث اصبح القرار الاستثماري والاستهلاكي على حد سواء حذرا ومترددا.
ولدى تحليل عناصر الجذب الخارجية، يتبين أن احد أهم عناصر الجذب الخارجي يستند الى وجود بيئة استثمارية في الخارج افضل من الأردن وأكثر استقرارا، وهناك فرصة لتحقيق أرباح أكثر في الأسواق الخارجية بالإضافة إلى الرغبة في تحقيق الشهرة خارج الأردن.
عوامل الطرد والجذب، ليست استثناء في الأردن، وهي مشابهة لما هو سائد في العديد من الدول، يصبح المطلوب الاستماع الى آراء القطاع الخاص حول كيفية معالجة هذا الموضوع، مع الإقرار ان الاستطلاعات تقيس الانطباعات وليست تعبيرا عن حقيقة واقع الأمر ولكن لا يمكن تجاهل هذه الانطباعات التي تصبح اقرب الى الحقيقة، والحل كذلك فيما يخص ضعف السوق المحلي، يصبح من الضروري تلمس هذا الأمر، إذ أن تحفيز الطلب المحلي يحتاج الى إجراءات واضحة، تتمثل بزيادة الدخل المتاح سواء للغايات الاستهلاكية او الاستثمارية، والإجراءات المقترحة فيما يخص الاستثمار ترتبط بشكل مباشر بموضوع تخفيض العبء الضريبي على بعض الانشطة وتحقيق الاستقرار في القوانين والتشريعات وتحسين البيئة الاستثمارية واجراءاتها دون ابطاء أو تردد، الى جانب ذلك يطالب المستثمرون بتحديد الخريطة الاستثمارية التي تشمل فرصا استثمارية واعدة وتوضيح كيف يمكن ان تتكامل مع بقية القطاعات في مختلف المحافظات، بالطبع يرافق هذا الجهود المستمرة لتحفيز الصادرات وإيجاد أسواق جديدة لها.
من شأن التركيز على توسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية إيجاد فرص عمل، وبالتالي تعزيز الطلب المحلي، فالاقتصاد يعمل ضمن دورات متكاملة وليس جزرا معزولة، وبرأينا هذه هي أولوية يجب التركيز عليها وقضاء وقت كاف وتخصيص موارد لها وادارتها مع القطاع الخاص.
بدأنا بالحديث عن عوامل الطرد والجذب وانتهينا بالحديث عن الاستثمار والطلب، لان البحث عن جذور المشاكل التي تواجهنا اهم بكثير من الحديث عن بعض العوارض التي تهيمن أحيانا على بعض القراءات الاقتصادية.
الغد