أزمات الاقتصاد سببها الماليون
كان ينظر الناس.. مستهلكين ومستثمرين، للمرابين في الدول الاسلامية واوروبا وامريكا بنوع من الازدراء حتى بداية الحرب العالمية الاولى، ومع عشرينيات القرن الماضي بدأت شركات التمويل والبنوك يتسع نطاقها واثرها وبعد الحرب العالمية الثانية تم تأسيس مؤسسات التمويل الدولية والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة، وهذه المؤسسات مكنت امريكا والدول الصناعية من إحكام السيطرة على العالم الجديد، وزاد تدخل الماليين في مقاليد الاستقرار المالي العالمي وكذلك على التجارة العالمية بشكل حاسم.
ومطلع سبعينيات القرن الماضي تم فك الارتباط بين الذهب والدولار الامريكي لتطلق يد الدولار للتغول على العملات الرئيسية والمحلية، واستندت امريكا للقوة الغاشمة في تطويع الدول والشعوب، واصبح الاحتياطي الفيدرالي الحاكم الناهي في اسواق الصرف علما بأن من يقود الاحتياطي الفيدرالي هي كبريات البنوك والماليون اليهود ولا يسيطر البيت الابيض على قراراته النقدية.
الازمات المالية المتلاحقة التي عصفت بالعالم منذ ازمة دول النمور الاسيوية عندما اجتاحت الاموال الساخنة لاقتصادات ناشئة والحقت بها خسائر هائلة تبعتها ازمة الاثنين الاسود في العام 1987 عندما انهارت الاسواق الدولية الى ازمة ورلد دوت كوم الى ازمة الرهونات العقارية والازمة المالية العالمية في العام 2008 وازمة الاصول المسمومة والديون السيادية في اوروبا..هذه الازمات المتلاحقة قادت الاقتصاد العالمي الى ازمة ديون عالمية غير مسبوقة حيث تقدر ديون العالم بثلاثة اضعاف الناتج الاجمالي العالمي.
هذه الديون الفلكية اين ذهبت اموالها ومن المستقيد منها ومن يدفع خدمتها من اقساط وفوائد، علما بأن هذه الديون لم تنعكس على غالبية شعوب العالم ودوله إيجابيا على شكل بنية تحتية وخدمات نوعية، فالديون لم تنفق بشكل صحيح، وخلال سبيعينيات وثمانينيات القرن الماضي تم تحول القسم الاكبر من الديون لكثير من الدول الى حسابات لمتنفذين في ملاذات آمنة كما توصف وهي بنوك في سويسرا وجزر كيمان التي كانت المتلقي الاكبر لهذه الودائع الهائلة.
مؤسسات التمويل الدولية التي تمنح الدول شهادة حسن سلوك تراجعت مؤخرا عن هذا الدور لتنطلق ديون دول الى مستويات قياسية، وان مفاهيم الحكم الرشيد التي اطلقها البنك الدولي منتصف تسعينيات القرن الماضي لا يطبقها اليوم، لذلك تسلقت مديونية معظم الدول النامية لمستويات شاهقة ومقلقة خلال فترات زمنية، فهذه النتائج سببها الحلول والسياسات المالية التي تنذر بعواقب وخيمة إذا لم يتم الرد عليها والانتقال الى الاقتصاد الحقيقي باعتباره خشبة الخلاص في هذه المرحلة قد يصعب مواجهتها مستقبلا.
الدستور