تداعيات “الكورونا” اقتصاديا
استمرار الحالة الاقتصادية الراهنة المرتبطة بالكورونا سيكون له في القريب العاجل تداعيات سلبية خطيرة على الاقتصاد الوطني وعلى جميع القطاعات دون استثناء.
حركة الطيران المرتبطة بالمملكة في تراجع بلغت نسبته بالحد الأدنى 15 بالمائة خلال الشهرين الماضيين، وهذا يعني أيضا ان حركة المسافرين من والى المملكة في انخفاض كبير اذا ما علمنا ان خسائر شركات الطيران قد تصل الى اكثر من 200 مليار دولار، وهذا يعني ان ايرادات الحكومة من عائدات المطار ورسوم الملكية من أرضيات طيران ورسوم وضرائب ستشهد هبوطا حادا.
والامر مشابه للقطاع اللوجستي والنقل ونشاط ميناء العقبة، فحركة المستوردات في تراجع مخيف هي الأخرى، ولغاية الآن لم تفصح الجهات المسؤولة عن الإحصاءات الرسمية المتعلقة بالمناولة والتنزيل في الميناء وحركة الاستيراد والمرتبطة ايضا بالنقل البري.
في القطاع التجاري واضح أن حالة الركود تسود المشهد العام للقطاع في الآونة الأخيرة بسبب انخفاض المبيعات الحاد في غالبية القطاعات التجارية، ناهيك عن ان هناك أزمة حقيقية بدأت تشهدها التجمعات التجارية الكبرى مثل المولات التي أحجم الكثير من روادها عن زيارتها.
قطاع الشركات السياحية سيكون نموذجا واضحا للقطاعات التي ستشهد أزمات خانقة قد تؤثر على استمرارية العديد من العاملين في أنشطتها خاصة بعد توقف السياحة الدينية، وتراجع حركة النقل الجوي بشكل عام.
والصناعة الوطنية تعاني الأمرين، فهناك مشكلة بدأت تظهر في صادراتها لعدد من الدول التي تراجع حجم الطلب لديها من جهة، ونقص في عدد من مدخلات الانتاج للصناعات الوطنية، ناهيك عن ارتفاع كلف بعض المدخلات التي بدأ الطلب عليها يرتفع نتيجة أزمة الكورونا مثل صناعة المعقمات وغيرها.
المشكلة التي ستترتب على المشهد الاقتصادي في حال استمرار حالة عدم اليقين التي تسيطر عليه في ظل “الكورونا” هي أن الدورة الاقتصادية للمملكة ستتعرض لهزات عنيفة لاسمح الله، نتيجة المطالبات المصرفية على معظم القطاعات الاقتصادية بلا استثناء، وهنا يستدعي من البنوك أن تكون لديها مرونة اكبر في التعاطي مع تداعيات ‘الكورونا’ بسبب حالة التباطؤ في الاقتصاد وتراجع المبيعات لكثير من الأنشطة.
حركة الاستثمار ستواجه مأزقا حقيقيا، وقرار المستثمرين سيكون تحت المراجعة والتقييم المستمر، ولن يكون هناك قرار بالتحرك الا في حالة تراجع درجة المخاطر الاقتصادية الناتجة عن ‘الكورونا’، ومن المرجح ان تتوقف عمليات التدفقات الاستثمارية لبعض الوقت.
والحال مشابه للقطاع السياحي الذي على الأرجح أن يمتد اليه التباطؤ بعد ان كان الأكثر نموا ونشاطا في العامين الأخيرين، خاصة مع تراجع التدفقات السياحية من أوروبا للمنطقة، وهذا سيؤثر على أنشطة الفنادق والمرافق السياحية المختلفة، مما سينعكس سلبا على الدخل السياحي الوطني.
وسوق رأس المال في بورصة عمان والمتعاملون فيها، فتداعيات الكورونا ستفرض العديد من القرارات الاستثمارية في السوق الذي اصلا يعاني الأمرين منذ ما يقارب العقد من الزمان.
والخزينة الرسميّة ستواجه هي الأخرى تحديات كبيرة في تحقيق فرضيات الإيرادات المحليّة المتحققة من الرسوم الجمركية والضريبية، وذلك بسبب هبوط احجام المستوردات مع تراجع حاد في العمليات التجارية والصناعية المحلية.
اعتقادي الشخصي أن الحكومة اليوم مطالبة بإعداد خطة طوارئ وطنية تتضمن سيناريوهات التعامل مع تداعيات أزمة ‘الكورونا’ اقتصاديا، ومحاولة السيطرة على حالة الهلع التي قد تحدث في الأسواق والعلاقات بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، فالمشهد المقبل ضبابي يصعب التنبؤ بتطوراته.
الغد