«العولمة الجديدة».. كما يراها الملك
للمرة الثانية.. منذ بداية مواجهة العالم لجائحة « كورونا»، ينبري جلالة الملك عبد الله الثاني كزعيم وقائد عربي مخاطبا العالم للاستفادة والاتعاظ من هذا الحدث الذي غيّر معالم كل شيء في العالم، وأوقف وعطل كل البرامج والخطط بل وجميع الحسابات، في جائحة لم تسلم دولة في العالم من تبعاتها.. إن صحيا أو اقتصاديا أو حتى اجتماعيا.
المناشدة الأولى من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني كانت مطلع شهر نيسان الحالي شارك فيها جلالته أربعة من قادة العالم في مقال مشترك في صحيفة الـ»فايننشيال تايمز» البريطانية دعوا خلالها إلى تحالف عالمي لمواجهة كورونا.. مؤكدين في الوقت ذاته أن لا وقت للمعارك «الجيوسياسية».
وبالأمس خاطب جلالته، بالحكمة والحنكة المعهود بهما جلالته، العالم داعيا إلى «عولمة جديدة»..عولمة صحيحة، تعود بالفائدة على البشرية جمعاء، وليست عولمة القطب الأوحد، لأن القطب الأوحد، أو الدولة الواحدة لم ولن تستطيع إيجاد حل لها ولا لغيرها في مواجهة جائحة مثل «كورونا»، - على سبيل المثال -.
وفي عالم القرية الصغيرة، جلالة الملك حين يدعو إلى (ضبط العولمة) ويقول في مقاله بصحيفة الواشنطن بوست الأمريكية إن بلدا واحدا بمفرده لا يمكن أن ينجح لان إخفاق بلد واحد هو « إخفاقنا جميعا «، فجلالته يؤكد بذلك، أن العولمة تشاركية وتكاملية وليست تفردا.. وان جميع الدول في عالم واحد وعلى كوكب واحد - كما الجميع على سفينة واحدة خرقها يغرق الجميع - وكذلك غرق وإصابة وإخفاق بلد واحد يغرق الجميع.
ويكرر جلالته - للتأكيد والتذكير - ما ذكره والقادة الآخرون في مقالة «الفايننشيال تايمز» إلى ضرورة أن « نضع خلافاتنا جانبا «، وان ندرك أن خصومات الأمس لم تعد تعني شيئا في مواجهة هذا التهديد المشترك.
جلالة الملك يتحدث وبكل شفافية ومصداقية فيقول: إن هذه الأزمة سلطت الضوء على عيوب نظامنا العالمي.. تلك العيوب التي نشأت نتيجة ( الظلم الاجتماعي ) وتفاوت الدخل، والفقر، وسوء الحوكمة.
جلالة الملك - وهو يقرأ مرحلة ما بعد «كورونا» برؤيته الثاقبة - يدعو لإعادة بناء عالم جديد بعد جائحة كورونا، ويحدد أبرز ملامحه، وأهدافه، والاستفادة من أخطاء الماضي، ويؤكد بأن الحل ليس بـ( فكفكة العولمة ) بل بـ( إعادة ضبط العولمة ).. ولكن هذه المرة علينا أن نركز على تطبيقها على النحو الصحيح، وكأن جلالته يقول : إن المشكلة ليست في العولمة، بل في كيفية تطبيقها، والأمر كذلك بالفعل.. ويناشد قادة العالم ويدعوهم إلى ( التقارب ) ووضع السياسة والسعي إلى الشعبوية جانبا، و( التركيز ) من أجل الغاية الأهم وهي «بقاء وسلامة البشرية في كل مكان».
الدستور