تفكرات رمضانية : خرافات النقباء الـ12، ووراثة الأرض وكتابتها؟
في الآية من المائدة (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12))
وحين الإشارة للنقباء الاثنى عشر بالآية أو الشاهدين أو الأمناء من القبيلة المنقرضة أو هم الكفلاء على قومهم يفترض بعض المفسرين القدماء دون أي دليل علمي تاريخي أنهم ذهبوا الى الشام! وفي قول الى أريحا وقول الى بيت المقدس! وفي قول آخر الى الأرض المقدسة هكذا دون تحديد! بينما ابن عباس يقول ونقلا عن الطبري دومًا: » وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا « فهم من بني إسرائيل، بعَثهم موسى لينظُروا له إلى المدينة، الى المدينة ونقطة هكذا دون تحديد للمكان وهذا الأقرب للحق برأينا، فلا أحد يعي علم ما لم يأتِ به القرآن الكريم أو الرسول، الا أن كان للعلم لاحقًا كلمة كما هو حال الآثار والدراسات الحديثة.
في التفسيرللآية أعلاه تذكر بعض الخرافات التوراتية، أو كما يقول نص الطبري عن النقباء عندما دخلوا أرض الجبارين بغض النظر عن موقعها أو جغرافيتها غيرالمعلومة نصًا بالقرآن الكريم: فوجدوهم يدخل في كُمِّ أحدهم اثنان منهم يُلقونهم إلقاءً؟! ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس منهم في خشبة!ويدخل في شطر الرمانة إذا نـزع حبُّها خمسة أنفس أو أربع؟! فرجع النقباء كلٌّ منهم يَنْهى سِبْطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وكلاب بن يافنة؟! يأمران الأسباط بقتال الجبابرة وبجهادهم، فعصوا هذين وأطاعُوا الآخرين.
وفي السرد المذكور الذي لادليل عليه إلا من أساطير التوراة -وهي المحرّفة والمنهي عن اتباعها والتي لا تصلح نصاً تاريخيا اليوم- قد يصح أن النقباء كذبوا وعصوا فزوّروا على عادة الكهنة وقالوا ما قالوه من خرافات وأكاذيب ذلك لينجوا بجلودهم فهم لايريدون القتال ولا يمثل ما قالوه من كذب الا رغبة حثيثة في العيش لذلك قالوا لموسى عليه السلام: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ ).وهم كما قال الله تعالى عنهم أي عن اليهود في البقرة (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)).
وفي التفسير نقلا عن ابن اسحق ذكرٌ غير مسند بتاتا لأسماء الاثنى عشرنقيبا واسم عشيرتهم من بني إسرءيل!؟ ما لم يقله لا القرآن الكريم ولا الرسول عليه السلام، فلا نعلم كيف ومن أين جاءت الأسماء الا حين يوضح ابن اسحق بالنص بقوله فيما يذكر أهل التوراة ما يدلل من قوله الواضح هذا أن كل المعلومات التي أوردها بالتفسير هي من التوراة! أي من ما يسمى الاسرائيليات ما لايجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مطلقا، وكقوله المنقول على ما يبدو عن التوراة الباطلة أن المولى عز وجل قال لموسى عليه السلام أَرْسل رجالا يتحسسّون إلى أرض كنعان التي وهبت لبني إسرائيل؟! وهبت!؟ وهي بالحق والحقيقة لم توهب مطلقا لأحد، فالأرض لله وهو الوارث، وما وراثة أي أرض إلا وراثة أرض الجنة كما في قوله والتفسير للآية في سورة الأنبياء (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105))، والى ذلك (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 180 آل عمران.
وحقيقة الطلب من الله لموسى بدخول الأرض -أي أرض لا يهم هنا حتى لو في واشنطن- بالقول (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لكم-المائدة 21...) أو بالقول (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ-الأعراف137) هو دخولها ليس لتملكها، بل سُكناها لزمنهم فقط، واعمارها والعوة للتوحيد فيها. وليس للأبد وانما في مرحلة زمن القبيلة الغابر، بقول آخر: دخولها كان مشروطًا أيضًا بميثاق غليظ لغرض الدعوة بها لدين الله، فلم تكن البلد المقصودة مكتوبة أو مسجّلة طابو (عقار) للقبيلة القديمة المنقرضة بمعنى الوراثة أبن عن أب كما قد يفهم السطحيون، وإنما كوراثة العلم والدين أو النبوة، والدعوة، أوبمعنى سُكناها والدعوة لله فيها، وكتبت لكم (قضى وقدر- حسب ابن عاشور) بمعنى كتب عليكم دخولها، وليس تملكها أسأتم أم أحسنتم!؟ ما لا يتفق مع الدين والعدل والميزان. وعمومًا اندثرث قبيلة بني إسرءيل، ولم يلتزموا بأوامر الله، ولا قيمة لوعود التوراة المحرفة والمكذوبة بالقانون او التاريخ، او حتى بالمنطق الإلهي.
الدستور