هل نريد منحنى إصابات مسطحا؟
أخبار مفرحة للجميع الأعداد الصفرية والقليلة للإصابات داخل المملكة بفيروس كورونا. هذه الأرقام تأتي ثمرة الجهود الكبيرة التي بذلتها الجهات ذات العلاقة في القطاع الطبي وقرارات خلية الأزمة المختلفة التي أدت لمحاصرة الوباء والسيطرة عليه. المشكلة التي يناقشها بعض المختصين فيما إذا كانت هذه الأرقام الحالية ستكون السبب الأساسي في موجة ثانية قادمة من انتشار الفيروس في الخريف القادم، وبناء عليه يحاججون أن الأفضل أن يكون لدينا أعداد من الإصابات بما يستطيع النظام الصحي استيعابه وبما يحقق بذات الوقت اكتساب المناعة من قبل المجتمع بتدرج حتى نصل لمرحلة يكون فيها غالبية المجتمع قد اكتسب مناعة لأنه أصيب بالمرض وشفي منه. رقم صفر بالنسبة لهؤلاء المختصين ليس بالضرورة الهدف الذي يجب أن تسعى له الدول، بل عدد إصابات يحقق انتشارا محدودا متدرجا للفيروس بنسب تبقى تحت السيطرة ولا تنفلت من عقالها كما حدث في إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا ونيويورك.
يدعم هذا المنطق التوقعات أن دواءً مضادا لهذا الفيروس قد لا يتم إنتاجه قبل عدد من الأشهر، لذلك فالأفضل أن تكتسب المجتمعات المناعة عن طريق الإصابة بالفيروس والشفاء منه. دولة كالسويد مثلا يفاخر كبير أطبائها المعني بالأوبئة وانتشارها بإنه يعتقد أن 25 % من الناس قد أصيبوا بالفيروس وشفيوا منه، ما يعني بالنسبة له أن المجتمع يكتسب مناعة متدرجة وأنه لذلك لن يشهد حالات إغراق للنظام الصحي على غرار ما حدث بدول أخرى. أرقام الإصابات المتدنية أخبار سارة بلا شك، لكن ربما إنها تؤشر على تأجيل اجتياح الفيروس للمجتمع وليس زوال الخطر، لذلك يجب أن لا نقلق إذا ما كان لدينا عدد من حالات الإصابة ضمن المعدلات المقبولة والمعقولة. يجب أن نقلق فقط إذا ما تجاوزت أعداد حالات الإصابة الكم الذي تستطيع فيه مستشفياتنا التأقلم واستيعاب أعداد المصابين.
بكل الأحوال ولتجنب أن يكون لدينا انتشار كبير مقلق للوباء ولإبقائه تحت السيطرة، لا بد من الالتزام الكامل بالتباعد الاجتماعي واتباع العادات الصحية والوقائية التي تحد من انتشار المرض. أهمية هذا الأمر تزداد في ضوء فتح وإعادة العمل بكامل طاقة الاقتصاد ما يجعل فرص الاختلاط والتقارب بين الناس أكثر. لا بد من سلوك فردي وجماعي يعزز انتشار العادات الصحية السليمة، ولا بد من حملة توعوية شاملة بضرورات الالتزام بالتباعد الاجتماعي واتباع الإجراءات الوقائية الصحية الضرورية. ما يحدث للآن هو استمرار للحملات التي بدأت مع بداية انتشار الوباء، والمطلوب تكثيف هذه الحملات الصحية بالتزامن مع فتح الاقتصاد. وزارة الصحة وأذرعها هي المؤسسة القائد لهذا الجهد، وهي بالتأكيد ستجد الإسناد من قطاعات أهلية ومؤسسة مجتمع مدني عديدة، ويجب أن يتشارك معها أيضا عدد من الوزارات ذات العلاقة لتوعية قطاعاتها المختلفة والشد من أزر جهد وزارة الصحة وهي تحارب هذا الوباء.
الغد