هل انتصرنا في معركتنا مع كورونا؟
اليوم ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من تعاملنا مع فيروس كورونا، بدأ يتردد سؤال في أروقة وسائل التواصل الاجتماعي؛ هل انتصرنا على هذا الفيروس؟ ففي وجداننا أنه دوماً في نهاية كل حرب يقوم كل طرف بتقييم خسائره وأرباحه لتحديد الطرف المنتصر بينهم، لكن تقييم نتائج المعارك يعتمد على السبب الذي نشبت من أجله والأهداف التي وضعها كل طرف ونسبة تحققها.
فإذا كان هدف البشرية من معركتها مع الفيروس استئصاله والقضاء عليه بصورة نهائية فإن المعركة قد خسرت قبل أن تبدأ، ولنا عبرة في عشرات الفيروسات التي تقيم بيننا منذ عقود لا بل قرون وما زال البشر عاجزون عن القضاء عليها واضطروا للتعايش معها راضين بالحد الأدنى من الخسائر.
فالمعادلة الوحيدة التي تعلمتها البشرية في معاركها مع الفيروسات هي معادلة التعايش معها على مبدأ لا غالب ولا مغلوب، يطور خلالها كل طرف وسائل حربه، يكون فيها الفيروس أقل عدوانية والبشر أكثر تقبلاً وتحملاً وقليلة تلك الأمثلة على القضاء المبرم على الفيروس وحتى في هذه الحالات القليلة فإن الفيروس يتحين الفرصة المناسبة للعودة وما شلل الأطفال والحصبة التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى الا أمثلة على ذلك.
نحن على أعتاب نهاية مرحلة من حرب طويلة مع الفيروس، يلملم كل طرف فيها خسائره، فقد أصبح البشر أكثر معرفة وأقل رعباً من هذا العدو رغم أنه لم يبح بكامل أسراره بعد, والمهم هنا أن نعي الدروس التي تعلمناها في هذه المرحلة والتي لقنتنا درساً عن مدى ضعفنا وارتباكنا أمام مخلوق متناهي الصغر, كما أصابت غرورنا في مقتل ، وردتنا إلى الواقع الذي ابتعدنا عنه متعلقين بخيوط واهية، كما عرَّت هذه الجولة من المعركة بعض المفاهيم الخادعة والبراقة مثل التضامن العالمي والتجارة الحرة ،والعولمة؛ فأمام أول اختبار حقيقي وجدنا معظم الدول تعود إلى ممارسات القرون الغابرة من العزلة والتناحر على الموارد الشحيحة وممارسة القرصنة،والانكفاء على الذات، وإغلاق الحدود الطبيعية والنفسية دون الآخرين.
كما هزت هذه الجولة الكثير من القيم الأخلاقية التي طالما تغنينا بها في أوقات الرخاء؛ لكنها لم تصمد عند أول اختبار حقيقي!
الغد