قبول الجنائية الدولية لدعاوى السلطة
لا يكفي ان يقال بأن الغاء الاتفاقات الفلسطينية الموقعة مع الكيان العبري لن تضر بالقضايا التي قدمتها السلطة للجنايات الدولية في الرابع من حزيران الحالي رغم ان المحكمة اعلنت انها لن تضرها فعلا ، فقبول القضايا شيء ، والقدرة على البت فيها شيء آخر ، وهناك العديد من القراءات المتناقضة ، خاصة وأن اسرائيل تتحرك في الخفاء وتلعب بالوقت وليس من المنتظر ان ينتهي هذا الوقت " الاسرائيلي " على خير ، مضيفين لما سبق موقف الولايات المتحدة وانصار الكيان .
وجهة النظر الفلسطينية قالت إن فلسطين دولة وعضو مراقب في الامم المتحدة وموقعة على ميثاق روما ، وإن على المحكمة ان تتعاطى مع القضايا الفلسطينية المرفوعة على اسرائيل تبعا لذلك .
قانونيا ، اعلن رئيس وزراء السلطة ان قرار الضم مندرج ضمن المادة الثامنة من نظام روما الاساسي ، وعليه فإن قضية ضم اسرائيل للاراضي الفلسطينية يدخل من ضمن صلاحيات المحكمة ، وليس الامر مقتصرا على جرائم ومجازر فقط ، ما يستوجب تدخل المحكمة قبل انفاذ القرار الاسرائيلي بالضم وابتلاع ما تبقى من الأرض " المحتلة " ، وهكذا كان ، حيث اعلنت المحكمة قبول الدعاوى رغم كل الضغوط ، ولكن ، وكما قلنا ، العبرة في النتائج .
سياسيا ، فإنه وحتى الآن ، لم يتم الغاء شيء من الاتفاقات لا مع امريكا ولا مع اسرائيل ، ولا زلنا نسمع نفس نبرة التهديد التي تطلقها السلطة ، ولو قرأنا الموقف الفلسطيني الرسمي ، فإننا نتوصل الى ان الغاء " بعض " الاتفاقيات سيتم بعد تنفيذ قرار ضم الضفة وليس قبله ، وبناء على ذلك لن يقول لنا احد في السلطة : ما هو الموقف الرسمي لو ضم الاسرائيليون 99 % مما تبقى من الضفة وبقي 1 % مثلا ؟؟ .
الطامة الاخرى ان كل ذلك يجري في وقت لا زالت فيه الامم المتحدة ومجلس الامن يعترفان بان الضفة وغزة والقدس واقعة تحت الاحتلال ما يعني بأنها خاضعة لاتفاقات جنيف ، أي ان مسؤوليتها اممية بشكل عام ، واسرائيلية خاصة تبعا لذلك .. فمن الذي أزاح عن كاهل الاحتلال مسؤولية ادارة الارض والناس ؟؟
إنها السلطة التي قبلت بـ " السلطة " وحملت على ظهرها عن اسرائيل مسؤولياتها القانونية حيال الاراضي التي تحتلها !.
بتاريخ 19 - 5 - 2020 اعلنت السلطة على لسان الرئيس عباس أنها باتت في حل من كل الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل ومن كل التفاهمات مع الجانب الامريكي بما في ذلك التنسيق الامني ، وكما قلنا ، فإنه لغاية الآن لا توجد اي ضمانة في أنها قرارات تم تنفيذ شيء منها ، وذلك لتجارب سابقة : ومثال على هذا أن السلطة وفي اواخر تموز من عام 2019 اعلنت انها واستنادا لقرار المجلس المركزي قررت وقف الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل ، ولكنها في الحقيقة لم توقف شيئا .
هل درست السلطة موقفها قبل ان تبيع الفلسطينيين كلاما عن انها تقدمت بشكاوى لمحكمة الجنايات وأن المحكمة قبلتها ، كم قرارا أمميا لم ينفذ صوت عليه مجلس الامن نفسه ، فما بالك بمحكمة جنايات ثبت في اكثر من قضية انها انتقائية ، وما هو الحال اذا كان المدان " اسرائيل " وهل التقاط الصور مع المدعية العامة في المحكمة يعتبر نصرا ... هل هكذا تخاض الحروب السياسية ؟ .
لا يزال في الذاكرة القرار الذي اوردناه آنفا ، مضافا اليه اعلان السلطة رفضها لتسلم أية اموال ضرائب من الاحتلال منقوص منها رواتب الاسرى ، ولكنها في النهاية وافقت على تسلم الاموال بدون رواتب الاسرى .
هي امثلة من عشرات ، ولقد اتضح عبر العقدين المنصرمين بأن اوسلو تم تفصيله على المقاس الى حين صدور قرار من " الخياط " الاسرائيلي ، ويبدو ان قرار التخلص مما تبقى أزف الآن من طرف واحد ، أما حين يضحي " المخلصون " بمناصبهم ومواقعهم واموالهم وامتيازاتهم من اجل فلسطين فإن الامر يصبح له قصة اخرى لا يبدو ان بإمكان احد من هؤلاء كتابتها " نصا " او روايتها " لفظا "حتى الآن !.
جى بي سي نيوز