الاستجابة لتداعيات كورونا اقتصاديّا
جائحة كورونا حدث خاص لم يسبق للعالم في العصر الحديث أن شهد مثل تداعياته وآثاره المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد العالمي.
بالنسبة للاقتصاد الوطني قد تكون كورونا وتبعياتها الأكثر حدة عليه منذ تأسيس الإمارة بـ(100) مليون دينار الخسارة اليومية، فالاقتصاد تعطل بالكامل طيلة شهرين، مما أدى لتراجع الإيرادات بأكثر من 600 مليون دينار، مصحوبا بتوقف الدخل الخارجي المتأتي من السياحة والاستثمار، مع جمود في عمليات الاقتراض الخارجي بالتزامن مع التزام حكومي كامل بكافة التزاماتها المالية الداخلية والخارجية معا.
قدرة الحكومة في التعاطي مع تداعيات كورونا اقتصاديّا كانت متفاوتة من مؤسسة لأخرى، وذلك اعتمادا على قدرة إدارات تلك الهيئات والمؤسسات في الفهم الحقيقي للأزمة وآثارها التي من المؤكد أنها ستمتد لأشهر طويلة تمكّن المحللين والمراقبين لتقسيم استجابة مؤسسات الدولة على النحو التالي:
أولا: الاستجابة السريعة والتي كانت بمجرد أن دخلت المملكة في ظلال الوباء حتى بادرت ضمن امكانياتها -وان كانت محدودة- في التحرك تجاه الحد من الخسائر التي كان بالإمكان ان تكون اكثر بكثير لو لم تتدخل كما هو الحال في البنك المركزي بالدرجة الأولى ووزارة المالية بالدرجة الثانية، ونقول هناك ان تحركهما كان ضمن مواردهما المحدودة والتحديات التي تعصف بها قبل كورونا.
ثانيا: الاستجابة بعد الصدمة الأولى التي عصفت بالمملكة واقتصادها، فكانت بعض الوزارات في حيرة من امرها بداية الأزمة لدرجة ان تحركها كان شبه مجمد في الأيام الاولى، ولولا علاقاتها الاستراتيجيّة الوثيقة مع القطاع الخاص وسرعة الاتصال لما عادت للتحرك الإيجابي في حماية القطاعات الاقتصادية وإعادة عجلة الإنتاج من جديد وبشكل متدرج، وهذا الأمر ينطبق على وزارات الصناعة والتجارة والتخطيط، حيث كان حراك الوزارتين بعد استيعاب الصدمة بالاتصال مع غرف الصناعة والمانحين على التوالي لتعزيز الإنتاج وتأمين البلد بكافة الاحتياجات، والاتصال مع المجتمع الدولي للحصول على المنح والمساعدات لتتمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية معا.
ثالثا: وزارات ظلت تحت الصدمة منذ اليوم الأول ولغاية يومنا هذا، وهذا ناتج عن فقدان الخبرة والدراية في معرفة شؤون البلاد والعباد معا، وتحرك بعض تلك الوزارات كان كمن يسبح عكس التيار، والنتائج لم تكن وخيمة فقط على انشطة تلك الوزارات او المؤسسات، وإنما كانت تضرب منجزات الوزارات الأخرى، وكأنها تعمل في جزيرة منفصلة، وهذا ما حدث فعلا مع الوزارات المسؤولة عن توزيع الخبز بالحافلات أو أمر الدفاع رقم 6 الاول.
رابعا: وزارات غابت عن المشهد كاملا وكأنه لا يوجد أزمة او وباء اجتاح العالم، والأكثر غرابة انها حتى غيابها عن العمل اليومي بموجب الحظر لم يشعر به أحد، وهذه وزارات كثيرة العدد لا مجال لذكرها هنا.
هذا التصنيف هو رأي شخصي متعلق بكاتب المقال، وهو يستند على متابعات يومية لعمل الوزارات والمؤسسات من الناحية الاقتصادية فقط، ولا يشكل دور القوات المسلحة والاجهزة الأمنية الحيوية والفاعل في إنجاح إدارة الأزمة والتدخل الفاعل والناجع في الكثير من الحالات وإيقاف تدهور المشهد في بعض الحالات كما حصل في يوم توزيع الخبز بالحافلات، ذلك اليوم الحزين.
الغد