سندات يوروبوند جديدة
حصلت الحكومة على أول قرض تجاري خارجي دولي هذا العام من خلال طرح سندات يوروبوند بقيمة 1.75 مليار دولار، على فترتي سداد (5-10) سنوات على التوالي.
الاكتتاب في سندات يوروبوند الأخيرة فاقت ما طلبته الحكومة ستة أضعاف تقريبا، وبأسعار فائدة أقل من سعر الأسواق الدولية المتعارف عليه، فكانت بين (4.95-5.85) بالمائة لفترتي السداد (5-10) سنوات على التوالي.
هذا القرض الجديد الذي هو أكبر من الاحتياجات المالية للخزينة لهذا العام، كان لتغطية أي أمور مستجدة طارئة قد يتعرض لها الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة، لأن الكل مايزال يجهل تداعيات كورونا الاقتصادية وفترة انتهاء هذا الوباء الذي ألحق ضررا بالغا في العملية الإنتاجية والأنشطة الاقتصادية المُختلفة، مما قد يتسبب في تراجع النمو الاقتصادي بأكثر من 5 بالمائة عن المقدر لسنة 2020، إضافة لتراجع محتوم في التدفقات المالية الخارجية المتأتية من الاستثمار والسياحة وحوالات العاملين في الخارج، لذلك سيخصص جزء منه لسداد مستحقات مالية داخلية كبيرة على الحكومة لصالح القطاع الخاص.
سندات يوروبوند الأخيرة تمت بنجاح دون اللجوء للكفالة الأميركية، وحصل الأردن على أسعار فائدة اقل من السوق، وأقل مما حصلت عليه دول المنطقة التي سبقت الأردن للاقتراض مثل مصر وقطر والسعودية والتي كانت تتراوح بين (5-7) بالمائة.
لجوء الحكومة للاقتراض الخارجي بواسطة سندات يوروبوند كان بسبب الضغوطات الناجمة عن تزايد الاقتراض الداخلي الذي وصل إلى الخطوط الحمراء (18.9) مليار دينار، وأبدت البنوك المحلية استياءها من مواصلة الحكومة الاقتراض منها، وهو أمر تسبب في شح التسهيلات أمام القطاع الخاص.
كما أن الخزينة تتعرض لضغوطات مالية كبيرة نتيجة التزامات الحكومة بدفع كامل التزاماتها الداخلية والخارجية في ظل تراجع الإيرادات المالية وجمود المنح والمساعدات الاستثنائية من الدول المانحة، حيث لم تستلم الخزينة حتى نهاية الثلث الأول من هذا العام إلا (105) ملايين دينار من اصل 803 ملايين دينار مقدر في الموازنة.
طبعا الاقتراض بهذا الحجم سيزيد من الدين العام لتصل نسبته الى 110 بالمائة، وهذه نسب عالية جداً لا تتناسب مع تطلعات الحكومة في خفض المديونية وتثبيت نسبها على المديين القريب والمتوسط، لكن على الجميع ان يدرك أن مؤشرات العجز والدين في هذه المرحلة الغامضة التي تسيطر عليها أجواء عدم اليقين ليست هي الأولوية الاقتصادية، بل الأولوية هي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والحفاظ على الأمن الاجتماعي والمعيشي والحد من خسائر كورونا الاقتصادية، وتوفير سيولة للقطاعين العام والخاص، لأن زمن المساعدات الاستثنائية ولى إلى غير رجعة مع انشغال العالم كله بترتيب أوضاعه الداخلية لمواجهة تداعيات هذا الوباء.
لكن هذا الأمر لا يمنع الحكومة التي ستقوم في شهر تشرين الأول المقبل بسداد سندات يوروبوند بقيمة 1.2 مليار دولار بإعداد استراتيجية وطنية لإدارة الدين في المرحلة المقبلة وإعادة ترتيب هذا الملف، خاصة وان عمليات الاقتراض الأخيرة تمت بمرونة كبيرة وهو مؤشر على استمرارية دعم المجتمع الدولي للاقتصاد الوطني وتزايد ثقته فيه، ولا ننسى ان الحكومة كانت قد اقترضت من الداخل في الأشهر الماضية بقيمة 1.3 مليار دينار، جزء كبير منه (أكثر من 550 مليون دينار) موجود في حساب خاص لدى البنك المركزي، سيمكن الحكومة من دفعها لسد التزاماته الخارجية باقتراض داخلي بالدينار، مقابل استدانة خارجية بالدولار وبسعر فائدة متقارب للداخل، مما سينعكس إيجابا على احتياطات المملكة من العملات الأجنبية، وإتاحة سيولة جديدة أمام القطاع المصرفي لإقراضها للقطاع الخاص، لكن يبقى التحدي هو في توفير خريطة طريق لمعالجة المديونية وتحفيز النمو الاقتصادي.
الغد