أمّا وقد قضي الأمر
أنهى صدور الارادة الملكية بإجراء الانتخابات اسابيع طويلة من الترقب والتخمينات وجاء الحسم منسجما مع أكثر التقديرات ترجيحا وهو إجراء الانتخابات في تشرين الثاني القادم دون حلّ مجلس النواب ودون رحيل الحكومة. مع ذلك ليس هناك دستوريا حتى بعد صدور الارادة الملكية ما يمنع من صدور قرار بحلّ المجلس في اي وقت قادم قبل نهاية مدة المجلس الدستورية أواخر أيلول. وهذا يعني طبعا رحيل الحكومة، وبالعكس يمكن بقاء المجلس حتى إنهاء مدته الدستورية وبقاء الحكومة لما بعد الانتخابات وتقدمها للثقة أمام مجلس النواب الجديد الا اذا قرر الملك تكليف حكومة جديدة، أو ..العودة الى تجربة العام 2013 بالطلب من مجلس النواب التنسيب باسم مقترح كرئيس للوزراء وليس هناك مقدمات تشير لمثل هذا الخيار الذي اريد له في حينه ان يكون اختبارا للسير على طريق الحكومة البرلمانية المنتخبة .
الهيئة المستقلة للانتخاب بادرت على الفور للاجتماع واعلان موعد الانتخابات في العاشر من تشرين الثاني، وستمضي بالعمليات الاجرائية ابتداء بطلب جداول الناخبين المنقحة من دائرة الأحوال المدنية واعلانها للاعتراضات والطعون مرورا بمرحلة الترشيح واعتماد قوائم المرشحين وانتهاء بالتصويت والفرز واعلان النتائج.
ستسخن على الفور الساحة الانتخابية على حساب القضايا الساخنة الأخرى وفي مقدمتها قضية المعلمين وسنرى الى الأمام قليلا ماذا سيحدث في هذا الملف الذي – كما أرى - من مصلحة الطرفين ترحيله لما بعد الانتخابات بالتهدئة أوالهدنة فلا مصلحة للنقابة في متابعة معركة سيعلوا عليها بالكامل صوت المعركة الانتخابية. ولا مصلحة للحكومة بوجود نزاع أو جرح مفتوح يستثمر في الاستقطابات الانتخابية والحل البسيط هو تجميد النقابة لبرنامجها التصعيدي بالتزامن مع اطلاق سراح الموقوفين ثم بعد الانتخابات يكون لكل حادث حديث.
لعل هذه أول انتخابات منذ عام 89 تجري حرفيا بنفس قانون الدورة التي قبلها دون اي تعديل ولا حتى على تكوين الدوائر وعدد النواب فهل سيكون لهذا أثر ايجابي أم سلبي على الانتخابات ؟! وجهة نظر الذين دعموا بقاء القانون على حاله تقول ببساطة ان النظام الجديد ( قوائم التمثيل النسبي ) الذي اقر في الدورة الماضية يجب ان يأخذ فرصته بوصفه صيغة جديدة كليا لا يمكن تقييمها من أول دورة. ومن جهتي لم ادع ابدا لنظام جديد مختلف ولكن لتعديلات تحسن النظام وتتدارك العيوب كما ظهرت في الانتخابات الماضية. وربما كان لادخال هذه التعديلات أن يحسن الجو ويعزز الاحساس بالتوجه الاصلاحي ويرفع الاقبال وعلى الأقل يكافح الاحساس باللا جدوى والاحباط من نيابة مستمرة على الطريقة القديمة.
الدستور