ارتفاع تعثر صغار المقترضين
تتفاقم ظاهرة المتعثرين وتدني قدرتهم على السداد لبنوك وشركات التمويل، فالسبب الرئيسي لذلك زيادة اعداد المتعطلين عن العمل وتباطؤ الاعمال والمشاريع الصغيرة التي كانت تدر عليهم اموالا للانفاق على معيشتهم من جهة وتسديد الاقساط المستحقة من جهة اخرى، هذه الحالة هي اشبه بالجمر تحت الرماد، فشركات التمويل تواصل جهودها لتحصيل الاقساط بكل الطرق مقابل مقترضين لا يجدون ما يكفي لدفع الاقساط او / وجزء منها، النتيجة ابلاغات قضائية وتراكم الفوائد على الاقساط والفوائد، وهذه الحالة ككرة ثلج يتضخم حجمها وتتزايد سرعتها، فأمر الدفاع بذلك يحول دون توقيف المدينين، الا ان هذه المشاكل تحتاج الى دراسة ووضع حلول لها قبل ان تقع الفأس في الراس.
بألم نتذكر ظاهرة الغارمات التي قضت مضاجع كثيرا من المواطنين والمواطنات واودعت الالاف منهم السجون لقاء بضعة مئات و/ او الاف الدنانير، وبجهد وطني عام تم تخفيف الظاهرة، واعتقد جازما اننا سنواجه ظاهرة قد تكون اشد قسوة في حال العودة الى الحياة الطبيعية، خصوصا وان هناك نسبة لايستهان بها من المواطنين بالكاد يتدبرون نفقاتهم الضرورية، حيث ادى الحجر الكلي والجزئي لتعطل قطاعات كثيرة عن العمل وبعضها لازال معطلا.
خريجو الجامعات والكليات ومن لم يحالفه الحظ في الثانوية سيرفعون زيادة المتعطلين عن العمل، وسنجد اسرا اردنية كثيرة تعاني من قروض متراكمة وتعطل ابنائهم عن العمل، خصوصا وان استمرار هذا الحال ينذر بعواقب وخيمة اقلها اضعاف النسيج الاجتماعي، وتعميق الركود الذي ربما بلغ القاع.
استمرار شركات ومؤسسات التمويل التي تفرض اسعار فائدة مرتفعة على صغار المقترضين، ووضع فائدة وغرامات جديدة على القروض يؤدي الى تضخيم الاقساط وترصد ارباحا وهمية للشركات فالمدين الذي لايستطيع تسديد القسط هل سيدفع مبالغ اكبر، اما الخيار الاخير اصدار حكم على المدين والكفيل بالسجن، وفي هذه الحالة يتحمل المال العام تكاليف ذلك حيث تقدر السلطات مختصة تكلفة السجين الواحد 750 دينارا شهريا.
الحل المنطقي والمنصف لهذه المعضلة هو اخذ سياسات واضحة بوقف ترتيب غرامات وفوائد على الفوائد لحماية المتعثرين وكذلك عدم السماح بتضخيم اموال الشركات بدون طائل، وفي نفس الوقت تصبح معالجة ظاهرة المتعثرين اسهل وبدون تجاوز اي طرف على طرف اخر دائن او مدين..فالفقراء ومحدودو الدخل عادة ملتزمون بتسديد ماعليهم من اقساط، الا ان الظروف التي نجتازها استثنائية وتحتاج الى حلول اكثر ابداعا.
الدستور