هل ستغتال ايران الكاظمي كما فعلت بالهاشمي ورهام يعقوب ؟
إذا كانت المباحثات التي عقدها مصطفى الكاظمي في واشنطن مع الادارة الامريكية لا تتعلق فقط بالوجود الامريكي وإنما تشمل مختلف اوجه التعاون بين البلدين ، فإن ذلك يتطلب بعد نظر تجاه المؤسسات الامريكية الفاعلة الاخرى ، ولعل رئيس وزراء العراق تمتع بشيء منها عندما عقد مباحثات من خارج الادارة مع الكونجرس والاستخبارات والمؤسسات الاخرى بما يخدم مصالح بلاده .
الكاظمي ، الذي ابتلي بحكم بلد بمواصفات العراق ، ليس طارئا على المشهد العراقي ، فلقد كان مديرا للمخابرات ، وبهذا ، فهو بحكم اطلاعه على الملفات الكبرى يدرك بأن أخطر ما يواجهه حاضر ومستقبل العراق هو التدخل الايراني التخريبي أولا وثانيا وعاشرا ، وهو يعلم بأن كل المنغصات التي فعلها الايرانيون خلال تواجده في واشنطن من قبيل اغتيال الدكتورة العراقية الناشطة رهام يعقوب التي قتلتها ميليشيات ايران اغتيالا بنفس طريقة اغتيال صديق الكاظمي المحلل السياسي هشام الهاشمي ، لم تكن الا لإحراجه وافشال زيارته ، ومن ثم ارهابه شخصيا ، ولكنه ولعراقيته المشهور بالانحياز اليها حط رحاله من بغداد الى البصرة كأول محطة يزورها بعد عودته من امريكا لتأكيد تحديه لايران وميليشياتها ، ومن هناك انتقل لتقديم العزاء لذوي الدكتورة التي اشعل اغتيالها البصرة وذي قار وبعض المحافظات غضبا وسخطا وصل الى احراق مكاتب الاحزاب الايرانية التابعة لمنظمات بدر وحزب الله والنجباء وغيرها في تحد شعبي جارف لايران وازلامها ، ومن هناك اطلق وعوده بالقبض على القتلة ومحاسبتهم أيا من كانوا .
منذ اللحظة الاولى التي تسلم فيها الكاظمي رئاسة الحكومة بدأت ايران بمضايقته وتجلت وقاحتها في الرسائل التي اطلقت عشية القاء القبض على بعض العناصر من الحشد الموالي لها ، ممن كانوا يعدون لاطلاق صواريخ على مصالح امريكية ، حيث قامت أرتال من الحشد باستعراض عسكري واطلاق شتائم بحق رئيس الوزراء " الجديد " وفي نفس الوقت الطلب العاجل باطلاق سراح المقبوض عليهم ، لتبدأ منذ تلك اللحظة صفحات المواجهة بين الطرفين التي تخللتها زيارة الكاظمي لايران ولقائه خامنئي واطلاق هذا الاخير تصريحات بوجوده اعتبرها كثيرون محرجة لرئيس حكومة يمثل دولة اخرى ، إذ فهم من تلك التصريحات وكأن خامنئي يخاطب محافظ ولاية ايرانية تابعة لحكمه تدعى العراق .
برغم ذلك كله لا زال الرجل يحلم بالتغيير ولكن هذا التغيير لا يمكن ان يرى النور طالما أن العراق واقع تحت نفوذ ايران من خلال ميليشيات لا تتورع عن اشعال حرب اهلية أو افناء نصف الشيعة العرب مقابل تحقيق مصالح الولي الفقيه الذي يستغل هذه الميليشيات العميلة ابشع استغلال على حساب وطن عراقي نبيل وشعب عربي أصيل .
لقد استمر الحراك وهذه المرة بوجود رئيس وزراء يعلم قبل غيره ان مصيره قد يكون كمصير رهام أو الهاشمي او أولئك الشهداء من العراقيين الذين سقطوا بالآلاف في ثورة تشرين الجديدة الحالمة بالتحرر من الاحتلال الفارسي والعيش بكرامة بعيدا عن كل هؤلاء الدراكوليين المشعوذين مصاصي الدماء .
إن أخشى ما يخشاه العراق الآن أن تتم تصفية رئيس الوزراء الوطني الجسور أو اطاحته وهو ما لا يجب ان يسمح به العراقيون الشرفاء الباحثون عن وطن حر يمتلك قراره السياسي و السيادي غير القابل للبيع أو الايجار .
كما وإن على ثوار العراق ان يتنبهوا لكي لا يتم استغلالهم من قبل الميليشيات بدعاوى مختلفة على رأسها الشأن الاقتصادي ، وعلى الجميع ان يتذكر بأن الكاظمي لم يتسلم الحكومة سوى من بضعة شهور وإن مسيرته الاصلاحية بحاجة الى مؤازرة عامة الشعب ، أما إذا ركب الغوغاء موجة الاحتجاجات فإنه ليس على الكاظمي وحده السلام ، بل على العراق نفسه الرحمة ولأهله الصبر والسلوان .
جى بي سي نيوز