مشاهد مؤلمة قادمة من مصر
تشهد عواصم ومدن عربية أحداثا مؤلمة، لكن المشاهد المؤلمة القادمة من مصر لها وقع آخر.
تألمنا للمشاهد التي انتشرت عبر السوشيال ميديا عقب انفجار مرفأ بيروت؛ كانت مأساة حقيقية.
تألمنا للمشاهد المؤلمة التي انتشرت عبر السوشيال ميديا التي تسببت بها الفياضانات في الخرطوم ومدن أخرى في السودان، كانت مشاهد تدمي القلب.
لكن ما حدث في بيروت كان نتيجة الإهمال والبيروقراطية والفساد، وما حدث في الخرطوم نتيجة كارثة طبيعية، أما ما يحدث في مصر فهو بفعل فاعل مع سبق الإصرار.
المشاهد المؤلمة القادمة من مصر هي مشاهد هدم البيوت والمساجد بحجة أنها مخالفة.
هناك إصرار عجيب على تنفيذ قانون صدر مؤخرًا وبأثر رجعي، لدرجة أننا شاهدنا أثات المنازل يرمى من النوافذ بشكل مهين، رأينا أكوامًا من الأثاث البسيط المحطم أمام البيوت، يجلس فوقها طفل يبكي، وعجوز تصرخ، ولكن لا حياة لمن تنادي، وتستمر الآليات الثقيلة بهدم المنازل بحماية الجيش والشرطة!!
رأينا عجوزًا بسط فرشته على الأرض أمام بيته المهدم لا يريد المغادرة، يتحدث بمرارة ويقول لضابط من الجيش يريد إقناعه بالمغادرة: أنتم تصنعون الإرهاب، أنتم إرهابيون. ويبدو الضابط متأثرًا وهو يحاول تهدئة العجوز!!
رأينا المساجد تهدم، عشرات المساجد، بالطبع هناك من أفتى وأجاز ذلك، لكن ما يحدث تم بطريقة لا تنم على احترام لبيوت الله وقدسيتها. هناك استسهال شديد في موضوع هدم المساجد، هناك تهاون في موضوع حرمة المساجد. حتى لو كانت تلك المساجد مخالفةً شروطَ البناء، فهناك ألف طريقة لتصحيح المخالفات لو كانت هناك نوايا لذلك.
إن مشاهد هدم المساجد بهذه الطريقة تدمي القلب!!
مؤخرا صدر في مصر قانون التصالح على مخالفات البناء بأثر رجعي، وهو قانون تبناه رئيس الدولة ودعمه بشدة لدرجة أنه هدد بنزول الجيش لتنفيذه، وحدد القانون الجديد غرامات تتراوح من 50 إلى 2000 جنيه للمتر المسطح الواحد من مخالفات البناء!!
ووفق تقرير حكومي، يصل عدد العقارات المخالفة إلى 2.8 مليون، والأدوار المخالفة إلى 396 ألفا و87، والوحدات المخالفة إلى قرابة 20 مليونا.
القانون أثار جدلًا بسيطًا لدى صدوره، فلم يعد هناك في مصر من يستطيع الاعتراض، لكن قانون التصالح هو في الحقيقة قانون إزالة؛ فالمبالغ التي سيتم التصالح عليها كبيرة جدًّا، ولا يستطيعها غالبية المصريين، ناهيك أنهم كانوا قد دفعوا "إكراميات" لقاء السماح لهم بالبناء.
السبيل