من هي الشركات التي تستحق الدعم الحكومي؟
كثر في الآونة الأخيرة المطالبات التي تنادي بضرورة قيام الحكومة بدعم الشركات المتعثرة، خاصة جراء تداعيات كورونا التي فتكت بالعديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء أكانت حكومية ام خاصة.
والبعض يستشهد بما قامت به الدول الأخرى ويعمم تجربتها على المملكة، وفي هذا اختلاف كبير بين ما يحدث في الأردن وما يحدث في الجوار أو في العالم.
الدعم مطلوب لجميع القطاعات وليس لقطاع معين، بحكم ان الحكومة مطالبة يوميا بمعالجة أي اختلالات وتحديات تواجه أي قطاع، وكورونا كشفت عيوب أنشطة الكثير من القطاعات الضعيفة وغيرها التي تسير ببطء قبل كورونا، فكيف الحال مع كورونا؟
وقطاعات اقتصادية كانت تسير بشكل إيجابي، وجاءت الجائحة لتجمد أنشطتها وتوقف أعمالها بشكل شبه كامل، مثلما هو الحال لدى شركات النقل بكافة أنواعه والسياحية على سبيل المثال لا الحصر.
أمام هذه المطالبات القوية والمتنوعة، الحكومة مطالبة بالتحرك تجاه القطاعات الأكثر أولوية في الأهمية الاقتصادية والتي لها انعكاسات مباشرة على إيراداتها، وهذا لا يعني ان تقدم دعما ماليا مباشرا لها كما يتصور البعض وان كان مطلوبا لبعض الشركات، مثل التي تحتاج إلى دعم مالي سريع لتغطية كُلفها التشغيلية مثلما هو الحال مع الملكية والمتكاملة للنقل، لكن البعض يحتاج إلى برنامج تحفيزي وتسهيلات من اجل إعادتها إلى سكة العمل والوقوف من جديد بعد التعثر القاتل الذي أصابها.
نظرة الحكومة للشركات يجب ان تكون ضمن معايير الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد والأمن المعيشي والاقتصادي للأردنيين، ومدى مساهمة الحكومة في ملكية تلك الشركات.
طبعا الحكومة ليست في وضع مالي يسمح لها لا الآن ولا قبل ذلك الوقت لتقديم دعم سخي للشركات المتعثرة وان كانت حكومية، فالخزينة تعاني بالأصل من عجز مزمن يتجاوز المليار بعد المساعدات، فكيف هو الحال في ظل كورونا التي عصفت في كُل فرضيات موازنة 2020؟
الأصل في الدعم المباشر ان يوجه للشركات الاستراتيجية خاصة في قطاع النقل لأنه يوفر أرضية دعم كبيرة لباقي القطاع الاقتصادية، اما باقي الشركات فالحكومة مطالبة بإيجاد آليات تنفيذية لتوفير مظلة حوافز وتسهيلات تدعم عودة الشركات لخط المحافظة اولا على وجودها في المرحلة الأولى، واستعادة ألقها الاقتصادي والتشغيلي في المرحلة الثانية.
هذا الأمر يتطلب تأسيس شكل من أشكال الصناديق الاستثمارية التي تتشارك بها الحكومة مع فعاليات القطاعات المختلفة بغرض تأسيس توجه لدراسة الجدوى الاقتصادية من تلك المشاريع التي تقبع تحت مظلة الشركات المتعثرة، والتأكد من سلامة التوجه اقتصاديا، وتفسر الشراكات المالية والاستثمارية القادرة على النهوض من جديد كما تفعل معظم دول العالم التي تعتني بأنشطة القطاع الخاص وتنظر له على انه شريك في العملية التنموية وليس من نظرة جبائية كما يحلو للبعض تصويرها أو وصفها.
المناخ الراهن فرصة مواتية للصناديق المالية المبنية على أسس صحيحة للانخراط بعمق في النشاط الاقتصادي في الفترة الراهنة المؤكد أنها ستكون مؤقتة، وبعدها ستعود الدورة الاقتصادية لطبيعتها والتي ستؤهل النمو الاقتصادي للنهوض من جديد والخروج من النفق المظلم السلبي الذي نعيشه حاليا، والأمر بحاجة لطريق لتجسيد الشراكة بين القطاعين في هذا الشأن.
الغد