في أي اتجاه نسير؟
يشير استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الاخير لغالبية كبيرة تقول انها تعتقد ان الامور تسير بالاتجاه الخاطىء. قبل نحو اشهر من الان، في بداية ازمة كورونا، كانت الارقام تشير للعكس باغلبية كبيرة تعتقد ان الامور تسير بالاتجاه الصحيح.
تبدل الارقام على هذا النحو يشير بوضوح لأثر الازمة “الآنية” على آراء الناس والعينة، فالمستطلعة آراؤهم يتأثرون بالظروف اللحظية التي يمرون بها، ولا تعبر آراؤهم عن بعد زمني ممتد او طويل، ولنا ان نتوقع تغيرا بالارقام اذا ما كانت الاسئلة تتحدث عن ملفات او قطاعات بعينها، او انها تسأل عن فترة زمنية طويلة كالسؤال عن اتجاه سير البلد منذ عقود او منذ تأسيس الدولة. ولنا ايضا ان نتخيل سلبية الاجابات عن سؤال اتجاه سير البلد في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكننا بحمد الله عبرنا تلك المحطات الخطيرة وخرجنا منها اقوى.
في معرض التسبيب لقناعات الناس حول اتجاه سير البلد، يبرز العامل الاقتصادي كمتغير رئيس في تفسير الآراء، بعد ان قرصت كورونا جيوب المواطنين وحدرت أحوالهم المعيشية، هذا بالطبع اضافة للتخبط والتغيير السريع وغير المفهوم بالقرارات في هذه المرحلة ادت لغضب الناس وضررهم مقارنة مع التناغم في ادراة الازمة في البداية. نعم انه الاقتصاد والظروف المعيشية التي لم ننجح للان بالتعامل معها.
نحن في حال افضل من غيرنا، ونظرة سريعة على من حولنا تجعلنا نثبت بلا ادنى شك ان قرارنا الاقتصادي كان وما زال حصيفا ملتزما بالاصلاح، فلم ننزلق الى منحدرات دخلها اشقاؤنا في لبنان والعراق. ومع ذلك، فنحن للان لم ننجح بالنهوض بالاقتصاد للمستوى الذي نريد، وهذا ليس بالضرورة ضعفا في اقتصاديينا فلدينا من خيرة الكفاءات، لكن ظروفنا الذاتية والمجتمعية وظروف الاقليم جعلتنا نعاني ونراوح مكاننا اقتصاديا.
اذا كنا بحاجة لشيء في هذه المرحلة وقادم الايام، فنحن بحاجة لنموذج اقتصادي اردني ذي خصوصية يراعي احوال البلد وميزاته النسبية، يكون ذا طبيعة عملية مبتعدة عن التنظير وصياغة الاستراتيجيات، ينأى بنفسه عن الشعبوية التي لا تحل المشاكل ولا تطعم الخبز. لدينا عشرات الاستراتيجيات المحترمة التي صاغها خيرة الخبراء، ولكنها كانت دوما اما تنظيرية منسلخة عن الواقع، او طموحة بشكل غير عملي، او تحتاج لاموال طائلة لتنفيذها لا تقوى عليها الخزينة.
نحتاج رجال الاعمال في الميدان ان يجلسوا مع صناع القرار ويضعوا القرارات التي تمكن البلد من البناء على عوامل قوته الاقتصادية، والاهم ان تكون قرارات قابلة للتطبيق ميدانيا وتبتعد عن الشعبويات.
نحتاج خلية عمل اقتصادية عابرة للحكومات، تحدد المطلوب وكيفية الوصول اليه، وتلزم الجهات الرسمية اتخاذ القرارات التي تحققه، خلية تستطيع استثمار الاجواء الاقليمية لخلق فرص للاقتصاد بعيدا عن الشعارات والشعبويات، فالاقتصاد الاردني متأثر بشكل كبير بتحديات وفرص الاقتصاد في الاقليم.
الغد