فرنسا.. ديناميكية الأزمة وتسونامي المقاطعة
لا غرابة في أن يسارع رجال الاعمال في العالم العربي والاسلامي إلى الدفاع عن مصالحهم؛ تارةً بتبرئهم من تصريحات ماكرون، وإجراءاته المُشينة التي استهدف بها نبي الاسلام والبشرية محمدًا عليه الصلاة والسلام، وتارةً بالتوجه الى الممثليات الفرنسية وشركائهم التجاريين الفرنسيين من رجال اعمال ومصانع وماركات؛ للضغط على الحكومة الفرنسية ورئيس الجمهورية ماكرون لإيقاف استفزازاته وإجراءاته، البعيدة عن العقلانية والإدارة الحكيمة التي تنعكس آثارها المباشرة عليهم، وتمتد لشركائهم في فرنسا بمرور الوقت.
فالمقاطعة تسونامي ضرب شواطئ رجال الاعمال في العالم العربي والاسلامي، وموجته الكبرى ستضرب الاقتصاد الفرنسي في العمق في حال طالت الازمة، واستمر الرئيس ماكرون في تصعيد موقفه غير العقلاني من المسلمين في فرنسا والعالم الاسلامي. فتسونامي المقاطعة في ظل العناد الذي يبديه ماكرون من الممكن ان يقود الى موجات متتابعة تعصف بالاقتصاد الفرنسي، خصوصًا إذا طالت الأزمة في عمر الزمن، وأصر الرئيس الفرنسي على إجراءاته؛ أملًا في استعادته الشعبية المنهارة قبيل الانتخابات المتوقعة عام 2022.
تُواصل الأزمة امتدادها زمانيًّا، وتوسعها مكانيًّا ضمن آلية وديناميكية تتوقع تضاعف عدد المتضررين، والاصوات الرافضة سياسة الرئيس الفرنسي ماكرون الذي سيواصل نهجه حتى عام 2022. نهجٌ سيدفع المزيد من التجار إلى تجنب البضائع الفرنسية؛ خوفًا من أزمة ستطول، وخسائر ستتضاعف؛ فماكرون سيراكم المزيد من الغضب، والرفض لقراراته وإجراءاته المتطرفة التي ستُلحق ضررًا بالاقتصاد الفرنسي، وشركائه التجاريين؛ أملًا منه باكتساب شعبية زائفة خسرها بُعَيد انطلاق احتجاجات "السترات الصفراء"، والفشل في التعامل مع "كوفيد- 19".
فشلٌ تُرجم بخسارة حزبه الانتخابات المحلية لصالح اليسار والخضر؛ ما جعل الرهان على اليمين، والنزعات الفاشية ملاذ الساسة الخاسرين والمحبطين في اوروبا وامريكا!
اندفاع ماكرون وتهوره لا يمكن إيقافه إلا بتشكيل لوبٍّ ضاغط من رجال الاعمال المحليين في فرنسا، وشركائهم في العالم، وخاصة الإسلامي والعربي، لوبٍّ يحركه هاجس المقاطعة، وتعاظم الخسائر الاقتصادية؛ فهي القوى الأكثر تأثيرًا في المنظومة السياسية الفرنسية، ولاسيما أن تراجع الصادرات الفرنسية لن يقتصر على اصحاب الاموال والمستثمرين فحسب، وإنما سيفاقم -أيضًا- معاناة العمالة الفرنسية والبطالة، ويضاعف من أزمات فرنسا، وإشكالاتها الاقتصادية والاجتماعية في زمن "كورونا".
فإذن، التحركات والمبادرة السريعة من قبل رجال الأعمال المحليين لكبح جماح المقاطعة، والعمل السريع على مخاطبة "الخارجية الفرنسية" وشركائهم التجاريين انعكاسٌ لهذه الحقيقة، وتلك المخاوف؛ إذ تمثل البداية الفعلية لتشكل لوبٍّ ضاغطٍ مناهضٍ السياسة المتبعة المعادية للاسلام، وعلى رأسها استهداف النبي المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام.
المقاطعة الاقتصادية قادرة على تحريك القوى الاقتصادية للضغط على الادارة الفرنسية -بشقيها: السياسي والبيروقراطي الحاكم- لوقف استفزازاتها، وإجراءاتها التأزيمية ضد المسلمين في فرنسا، بل العالم.
تحركٌ بتنا نلاحظ إرهاصاته؛ فالمعركة الاعلامية التي تدور حول المقاطعة ما هي إلا أحد مؤشرات الألم والأمل بإمكانية أن تثمر المقاطعة عن تشكل قوى ضغط مؤثرة تمتد من العالم العربي والاسلامي نحو عمق البيت الفرنسي، بل القارة الأوروبية القلقة من أزمات اقتصادية وانهيارات في الأشهر والأعوام القليلة القادمة .
السبيل