عن عمان
في الانتخابات البلدية والنيابية انا مسجل في الكرك، واصوت ان رغبت في ممارسة حقي بالمشاركة هناك. قبل ايام راجعت دائرة الاحوال المدينة لتجديد «هويتي الشخصية «، موظف في الاحوال سالني : لماذا لا تنقل قيدك المدني لعمان، وما دام انك تعمل هنا « ويقصد عمان « ؟ رغم اني ساكن بعمان ردحا من الزمن، الا ان السؤال اصابني بالدهشة والاستغراب، واكتفيت بالاجابة لا، لانه ليس هذا مكان الرد على هكذا سؤال.
رحلت لعمان من حوالي 15 عاما، وهذا عمر عملي في الصحافة. كنت ايام المدرسة والجامعة اشعر بالغربة كلما اقتربت من عمان. واذا ما هبطت عمان في مناسبة اجتماعية : مشاركة في افراح واتراح، عرس او جاهة وعزاء او زيارة مريض او من باب الطبابة ومراجعة طبيب اختصاص، ينزل على صدري غيمة سوداء.
وتنفك الغيمة بعد الوصول لطريق المطار، ويحط الترحال قدميه على اراضي زيزيا، وتشوف بعنيك قارمات المطعم التركي، ويمتد المسير نحو القطرانة الحائرة، وفي تلك الايام لم تكن الكرك ملغومة بروائح مخلفات التلوث البيئي التي تتصاعد روائحها الكريهة لتزكم انوف الناس.
نعم سكنت عمان. ولكن مازلت مسكونا بالغربة ومزاج الترحال، وذاكرتي مطوية على النسيان.
ولما تسألني لماذا لا تنقل قيدك المدني لعمان؟ فماذا يمكن ان ارد واجيب ! لما تكون ان تعيش في مدينة لا تملك بها مترا مربعا، ومكان سباتك «الشقة « مرهون للبنك، وان مرضت تعجز من الطفر عن مراجعة طبيب ومستشفى، وان راجعت تدفع اللي فوقك وتحتك . فاي معاشرة ووناسة والتئام مع المدينة يمكن ان يصيبك او يسكنك لتشعر به!
تسرح ويشرد ذهنك احيانا كثيرة تقول : ماذا اعمل هنا ؟ والان، فهمت..لماذا كان والدي «ابوي وامي « عندما ناتي لعمان نحضر طعامنا وشرابنا من الكرك، وتلف امي الخبزات والزيتون في «كيس خيش «. وعلى ما يبدو حتى لا تفارقنا رائحة» المكان الاصل « الصافية والنقية، ولا تخنقها روائح ازمة عمان.
الدستور