فيروس كورونا : بروفايل أولي
في مقال سابق طالبت الجهات الصحية الحكومية والأكاديمة ان تقوم – فوق ما تنوء به من مهمات – بعمل ابحاث ودراسات عن الفيروس ولا اقصد ابحاثا علمية مختبرية فهذه نعفي انفسنا منها ونتركها لمراكز علمية عريقة ومقتدرة في العالم لكن اتحدث عن رصد وتوثيق كمي ونوعي للظواهر التي يمثلها الفيروس المسؤول عن الوباء، ونحن اصبحنا من البلدان التي تشهد أعلى نسبة اصابات في العالم مما يوفر مادة للدراسة يمكن الركون اليها مثل نوعية الأعراض وشدتها ومداها الزمني وتوزيعها على الفئات المصابة مرتبطة بالجنس والعمر ونمط المعيشة والحالة الصحية الخ، فكل يوم تظهر معلومات جديدة وتظهر مقترحات مختلفة للفيروس وصفاته وسلوكه ومسار الوباء وهي تحاول أن ترسم «البروفايل» الفريد للفيروس.
دعني اساهم بمشاهداتي الشخصية ابتداء بما حصل معي حيث يبدو لي هذا الفيروس فريدا بالفعل اذ يبدو كأنه يتدحرج على مهله فيقدم اعراضا متغيرة ويذهب الى مناطق متنوعة في الجسم وبطريقة مختلفة من شخص لآخر متنقلا في الأمكنة والأعراض دون سيناريو معين أو معروف مسبقا والأمر يمكن ان تتفاوت شدته ومن ساء حظه يكشف له الفيروس عن شراسة مفاجئة وقاتلة بينما يبقى متواريا خجلا لا يترك اثرا عند الأغلبية. كنت قد حصلت على نتيجة ايجابية لفحص كورونا يوم 8/11 وكان العارض الرئيس هو الانهاك العام لثلاثة ايام دون فقدان حاستي الشم والتذوق ثم تراجع الانهاك وتحول الى احساس ببعض التعب في الرئة وشكل خفيف من الرشح دون ان اعاني من القحة والعطس ولا اي ضيق جدي بالتنفس. وقمت بكل المطلوب علاجيا وفي اليوم العاشر بدأت اتعافي واعطيت لنفسي حتى اليوم الرابع عشر حسب البرتوكول الصحي للخروج وممارسة الأنشطة الاعتيادية وأن لا اكون معديا بكل الأحوال، لكن في اليوم التالي عاد لي احساس بالمرض في منطقة الحلق والرقبة دون التهاب الغشاء المخاطي او العطس والسيلان.
. بل الم متوسط في الغدد الليمفاوية وترافق مع عودة الانهاك العام ثم بعد ثلاثة ايام خف الانهاك لكن انتقل الاحساس بالمرض والضيق الى البطن ودون اسهال او استفراغ بل فقط ضيق مع الانهاك العام. الآن بعد 25 يوم ما زلت لا اعرف الموقف بالضبط فأنا قيد التعافي من اسبوعين لكن لا اضمن أن اعراضا جديدة قد تظهر وما الذي تعنيه. في الاثناء كنت اتابع آخرين تتنوع لديهم العوارض بصورة عجيبة وهي غالبا ما بين الخفيفة والمتوسطة. كما كنت أقرأ تقارير دولية عن متعافين دامت الأعراض عندهم اسابيع لا حقة وربما دائمة. وحسب دراسات فقد لحق بمرضى ضرر دائم لبعض اجهزة الجسم كالرئة والقلب والكلى وما زال الكثير يتوجب كشفه عن الآثار اللاحقة للمرض .
كما هو معروف الفيروس ليس كائنا حيا ولا يتكاثر بنفسه. إنه شريط حمض نووي يحفظه جدار دهني بروتيني تبرز منه نتؤات بروتينية تسمح بأن يعلق بجدران الخلايا الحية ومن هناك ينفذ الى داخل الخلية محفزا اياها لتطبع عنه آلاف وملايين النسخ فتنفجر الخلية وتذهب النسخ الجديدة الى خلايا اخرى. وعليه هناك ثلاثة أمور يعتمد عليها المرض أولا كمية الفيروسات المتلقاة والاستقطاب ما بين الفيروس وجدران خلايا المضيف ثم حالة الجهاز المناعي للجسم، وربما هناك عوامل اخرى وعلى العموم ما زال يتوجب معرفة المزيد من التفاصيل حول سلوك الفيروس وحيثيات هذا السلوك لرسم بروفايل نهائي. إنه على الارجح بروفايل فريد وقد يؤشر على نوعية امراض المستقبل القادمة.
الدستور