انتبهوا أيها السادة: حجوزات.. وبيوعات بالمزاد العلني!
.تصفحوا اعلانات الصحف اليومية، ستجدون معظمها بات ينحصر - وبكثرة - بإعلانات تنفيذ قضائية لبيع ( أول ) و( ثاني ) و( ثالث ) بل و( رابع )! لعقارات وشقق وأراضٍ من قبل دوائر تنفيذ محاكم متعددة.. المحكوم له: ( بنوك أردنية ) والمحكوم عليهم: (مواطنون: أفرادا وشركات.. حتى كفلاء )!
هذا المشهد أصبح مألوفا في زمن الـ» كورونا « وهو مشهد من مشاهد تداعيات هذه الجائحة التي لم تبقِ ولم تذر من مدخرات الدول فكيف بالشركات والافراد؟
المعسرون - أو المتعثرون ماليا - في زمن « كورونا « ليسوا فقط شركات صغيرة ومتوسطة «متضررة « ولا «أكثر تضررا» فقط بل شملت العاصفة بكل تأكيد مواطنين رهنوا شققهم ومنازلهم كضمان قروض لم يعودوا قادرين على سدادها.. وتشير احصائيات قضايا التعثر المالي لما يزيد على 130 ألف قضية العام الماضي.
وبحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي، فقد تجاوزت مديونية الأفراد نحو 14.5 مليار دولار، كما ارتفعت القيمة المطلقة للشيكات المرتجعة (المعادة) في أول سبعة أشهر من العام 2020 لعدم كفاية أو توفر الرصيد بنحو 237 مليون دولار دينار، بزيادة بلغت نسبتها 18 ٪ مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2019، ليبلغ إجمالي قيمة تلك الشيكات حوالي 1.58 مليار دولار!
هناك قطاعات أعدمت بالكامل بسبب جائحة كورونا، وفي مقدمتها السياحة بكل تفاصيلها من فنادق ومتنزهات وصالات أفراح اضافة إلى تضرر قطاع المطاعم والمقاهي، وقطاع النقل بمعظم تفاصيله خاصة المرتبط منه بالسياحة.. علاوة على معظم القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية تحديدا التي توقف عملها كليا أو جزئيا، عدا قطاعات قليلة زادت من نشاطاتها وانتاجها الجائحة كالقطاع الصحي والطبي والكيماويات والتصنيع الغذائي.
البنك المركزي ومنذ بداية الجائحة اصدر تعليمات وتوجيهات وأطلق حوافز للبنوك وللشركات وللافراد ساهمت في البداية بتخفيف آثار الجائحة، وعاد البنك المركزي مؤخرا للطلب من البنوك بأن تؤجل الاقساط لغير القادرين على السداد من القطاعات المتضررة.
المشكلة هي عدم استجابة كثير من البنوك لتعاميم « المركزي «- غير الملزمة -، الأمرالذي بات يتطلب دورا أكبرمن البنوك للمساهمة الى جانب الاجراءات التي تواصل الحكومة اتخاذها في سبيل (حماية ) قطاعات اقتصادية من الانهيار وفي سبيل ( حماية ) كثير من المواطنين من فقدان وظائفهم وأعمالهم. مطلوب من البنوك دور أكبر في ( حماية ) عملائها والوقوف الى جانبهم في ظروف صعبة واستثنائية - وعملاؤها ليسوا فقط الشركات الكبيرة أو من يصنفون بنكيا « أفضل العملاء « بل كل عميل للبنك وفي مقدمتهم من رهن بيته أو سيارته أو شقته أو أرضه للحصول على قرض يعتاش وأسرته منه أو يعينه على اكمال الأقساط المدرسية أو الجامعية لأبنائه أو لاي سبب كان.
على البنوك، وهي العمود الفقري للاقتصاد الوطني، أن تبقى حصنا (منيعا) في وجه الجائحات، لا (منيعا) في التسهيل على المقترضين والعملاء، وايجاد حلول تيسّر على العملاء، وتضمن حق البنوك في السداد وفق منوال « نظرة الى ميسرة «.
اذا لم يتم اتخاذ خطوات من قبل البنوك تسهل على المواطنين تسير بالتوازي مع القرارات « الحمائية « و»التحفيزية « التي تتخذها الحكومة حاليا للتخفيف على المواطنين، واذا لم يتم تعديل قانون التنفيذ القضائي، بما يمنع حبس المدين وفي نفس الوقت ضمان حق الدائن، فسوف تكون الارتدادات « الاجتماعية « لجائحة كورونا أخطر بكثير من الارتدادات « الاقتصادية «.. وسنشهد مزيدا من الحجوزات وبيع العقارات بالمزاد العلني!!
الدستور