قراءة في موازنات خمس سنوات
التباطؤ الاقتصادي المستمر خلال السنوات الاربع الفائتة لم يدفع وزراء المالية والحكومات المتعاقبة لاتخاذ قرارات مهمة بخفض النفقات العامة وتقديم موازنات تقشفية تتوافق مع الظروف الاقتصادية والمالية السائدة، وهذا يؤكد ضعف الادارة المالية بشكل خاص وهو عابر للحكومات بشكل عام، حيث ارتفع حجم الموازنة العامة للدولة الاردنية منذ الاعوام الممتدة ما بين ( 2017 الى 2021) بنسبة تراكمية بلغت 22.79 ٪، اذ بلغ حجم موازنة العام 2017 نحو 8173 مليون دينار بزيادة بلغت نسبتها 2.8 ٪، وفي العام ارتفع حجم الموازنة بنسبة كبيرة بلغت حوالي 4.82 ٪ وبلغ حجمها 8567 مليون دينار، وارتفعت في العام 2019 بنسبة 2.86 ٪ وبلغت 8812.7 مليون دينار.
وخلال العام الحالي 2020 الذي نودعه خلال الايام المتبقية منه ارتفع نمو الموازنة بنسبة 6.27 ٪ ويبلغ حجمها حسب احدث ارقام 9364.8 مليون دينار، وبمعدل نمو قريبة خلال موازنة العامة للدولة لعام 2021 بنسبة 6.04 ٪ وبحجم نفقات يبلغ 9930. دينار، هذه الارقام وردت في تقرير محكم لمنتدى السياسات الاردني، وهي صادمة وتشير بأننا لا نسير باتجاه التعافي ما دام الفكر المالي يقود الاقتصاد دون مراعاة متطلباته للخروج مما نحن فيه من معاناة اصبحت عابرة للحكومة زادت قسوتها في ظل تداعيات كوفيد 19 التي تمتد الى العام المقبل.
من الملاحظات الجديرة بالانتباه ان الايرادات المحلية المقدرة لعام 2021 ترتفع بنسبة 15 ٪، وترتفع ضريبة المبيعات خلال العام 2021 الى 9.2 ٪ وهذه النسبة اكثر من طموحة في ظل اقتصاد يعاني اغلاقات وتوقفا جزئيا وشاملا عن العمل وتراجع الصادرات والمستوردات، لذلك هذه التوقعات لا يمكن تحقيقها ونحن نسجل انكماشا قد يزيد عن 3.6 ٪ خلال العام 2020.
دوران حركة الاقتصاد بقوة يحتاج الى مرونة في الاجراءات الحكومية وتقديم حوافز وتخفيض تكاليف الانتاج المختلفة بما يؤدي الى ارتفاع الطلب في الاقتصاد الكلي وتحسين تنافسية المنتجات الاردنية محليا وفي اسواق التصدير مع اخذ قرارات حمائية مؤقتة حتى يتحسن اداء الاقتصاد، كما الحاجة تتطلب تخفيضا مؤثرا لتكالف الاموال ( هياكل اسعار الفائدة على القروض والتسهيلات ) الى جانب ضخ سيولة كافية بحيث تشمل القطاعات خصوصا المكثفة للعمال.
هناك مؤشرات تتطلب مواجهتها مبكرا منها تدني قدرة الاقتصاد على اجمالي تكوين راس المال الثابت نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي، وهي مستويات تقل عن غالبية دول الاقليم، ويفسر ذلك ارتفاع تكاليف المستهلك والمستمر معا، وانخفاض عزيمة الاستثمارات في الاقتصاد.. اذ هناك حاجة ماسة الى سياسة مالية فعالة تجنب الاقتصاد من الوقوع في ركود عميق مستمر جراء تفاقم البطالة والفقر والدين العام الذي قد يتجاوز 116 ٪ مع نهاية العام 2021 وقد يكون قريبا من اداء العام 2020.
الدستور