غَبّ الطَّلَبِ وغَبَّ الأَمْرُ
يتصل بالإدارة والوثائق مصطلحات كثيرة، ومنها جملة كلمات «غبّ الطَّلَبِ» بمعنى تَحْتَ التَّصَرُّفِّ، ولكلمة «غب» سياقات ومعاني عدّة،وقد تقول غب السلام، أي بعد السلام، أو غَبَّ عَنْ صَاحِبِهِ بمعنى أَتَاهُ يَوْماً وَتَرَكَهُ يَوْماً.
أمّا غَبَّ الأَمْر، أو غبَّ في الأمر، فالمقصود أن الأمر صَارَ إِلَى أَوَاخِرِه. أو تأنَّى فيه وتروَّى في الإجابة عن السُّؤال، وبذلك تتنوع المعاني حسب السياق الذي يقود لدلالة مختلفة لغوياً.
فالقول: غبّ الطعامُ، أي فسَد وأنتَن وغبَّ الشّرابَ: عبَّه، شربه بلا تنفُّس، وغَبَّتِ الْمَاشِيَةُ فِي الوِرْدِ، شَرِبَتْ يَوْماً وَتَرَكَتْ يَوْماً. وغبَّ عَنْ صَاحِبِه بمعنى أَتَاهُ يَوْماً وَتَرَكَهُ يَوْماً. وغبَّتْ عَلَيْهِ الْحُمَّى بمعنى: أَصَابَتْهُ يَوْماً وَتَرَكَتْهُ يَوْماً.
وتصل المعاجم اللغوية في المواضع والعناوين والاستخدامات، لفعل غبَّ، الذي قد يأتي بمعنى العاقبة بقولهم: لم يخش غِبّ عمله.وهكذا تكون الاستخدامات للكلمة في المخاطبات الرسيمة غب الطلب، أي بمعنى تحت التصرف، فكان المتصرف يطلب من موظف أو مواطن مسألة ما، فيكتب له الطرف المرسل له الكتاب، جملة «غب الطلب» بمعنى أنه تحت التصرف، وهذه الجملة تتكرر في المخاطبات الرسمية الأردنية ووثائق الدولة، وقد يَردُ احدهم بالقول: الوثيقة غب الطلب،أي جاهزة عند أو بعد أو حال الطلب. وقد يقال: سياسيون غب الطلب، أي عند الحاجة وتحت التصرف وفي الأمور المالية هناك نموذج كمبيالة غب الطلب، أي عند الاستحقاق.
وهكذا نجد أن كلمة غب الطلب أو غب الامر استخدمت بمعاني متعددة، لكنها دارجة في الاستخدام اليومي والوثائقي والمخاطبات، وهي ليست ذات مؤشر على حقبة بعينها، ذلك أن البعض يربطها بزمن العثمانيين، لكن العثمانيين استخدموها في الردود والوثائق الواردة في السجلات، مما يدلل على الاستخدام الصحيح للمفردات العربية في وثائقهم، التي كتبها كتاب عرب.
صحيح أن المفردات تتغير، لكنها تبقى وتستمر بفعل العملية التوثيقية، ولكون الخطابات واللغة المستخدمة تعبير عن بُنية ثقافية طويلة، لا تنقضي بيوم وليلة، ويصعب تغييرها بسهولة.
الدستور