الجامعة العربية في حالة موت سريري وبحاجة لميثاق جديد
تمر جامعة الدول العربية في أزمة هي الأخطر منذ تأسيسها وهي الأن في أسوأ حالاتها منذ عام 1945م. وهي في حالة موت سريري إذا جاز القول ولم يبق مبرر لوجودها في نظر الكثيرين بعد فشلها العسكري والسياسي والأقتصادي والأجتماعي فهي لم تحقق الأهداف التي رسمت لها منذ خمس وسبعون سنة حتى وصل الأمر بضاحي خلفان رئيس شرطة الأمارات سابقا بالدعوة الى ضم إسرائيل وإيران لجامعة الدول العربية وإعادة تسميتها بجامعة دول الشرق الأوسط .
عسكريا فشلت الجامعة العربية في تحرير الأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل وفشلت في تطبيق إتفاقية الدفاع العربي المشترك وتم غزو العراق من قبل أمريكا وبريطانيا ودول الناتو عام 2003 دون أن تحرك ساكنا.
سباسيا فشلت جامعة الدول في تحقيق الوحدة بين أعضائها الأثنين والعشرين ففي ظل الجامعة العربية أجهضت وحدة سوريا ومصر ووحدة العراق والأردن ووحدة السودان ومصر ووحدة دول المغرب العربي المكونة من ليبيا وتونس والجزائر ومراكش. كما فشلت جامعة الدول العربية في إلزام الدول العربية بمبادرة السلام العربية ولم تتخذ موقف صلب وحاسم من الدول العربية التي قامت بالتطبيع المجاني مع إسرائيل ولولا الخجل لباركت الأمانة العامة للجامعة العربية التطبيع مع إسرائيل فقد رفض أمينها العام إدانة محاولات التطبيع مع إسرائيل أثناء ترأس فلسطين لمجلس الجامعة مما إضطر وزير خارحية فلسطين إلى إنسحاب فلسطين من ترأس مجلس الحامعة.
إقتصاديا فشلت جامعة الدول العربية في تطبيق إتفاقية السوق العربية المشتركة منذ أواخر الستينات من القرن الماضي وأصبحت الأتفاقية حبر على ورق حيث لم تتجاوز التجارة البينية بين الدول العربية 8% من تجارتها الخارجية كما فشلت جامعة الدول العربية في إلغاء تأشيرات السفر بين البلدان العربية وأصبح أسهل على المواطن العربي السفر الى دول منطقة الشنجن الأوروبية والى أمريكا والصين واليابان والهند من السفر الى دول الخليج والمغرب العربي.
كما فشلت الجامعة العربية في حل الخلافات والنزاعات الداخلية والخارجية للبلدان العربية كما هو الحال في الحرب الأهلية في سوريا والحرب في اليمن والحرب الأهلية في ليبيا وحصار قطر والحرب الأهلية في الصومال والحرب بين المغرب والبوليساريو.
والأدهى والأمر أن جامعة الدول العربية لم يكن لها أي دور يذكر في مكافحة والتصدي لجائحة كورونا التي فتكت بمئات الألاف من المواطنين العرب.
مشكلة الجامعة العربية في عدم توفر الأرادة السياسية لدى الأنظمة العربية فعدم إنسجام وتوافق الحكام العرب ينعكس سلبا على عمل الجامعة وأصبحت الجامعة العربية محل الهزأ والأستخفاف من المواطنين العرب فإذا أردت أن تميت قضية إرسلها لجامعة الدول العربية حيث سيكون مكانها سلة المهملات حتى أن مؤتمرات القمة العربية التي تعقدها الجامعة سنويا أصبحت مهزلة ولا يحضرها الى عدد قليل من الحكام العرب ويتم كتابة فرارات مؤتمرات القمة مسبقا قبل إجتماع القادة العرب حسب رأي الراحل معمر القذافي!
أصبحت جامعة الدول العربية كالرجل المريض الذي ينتظر الجميع وفاته وتقاسم تركته وهي فعلا في حالة موت سريري يصعب شفاؤه والمطلوب من الحكام العرب إما إطلاق رصاصة الرحمة على الجامعة ويخلصونا من مهازل الجامعة العربية أو أن يكونو صادقين مع أنفسهم ومؤمنين بميثاق جديد للجامعة يقوم على رؤية ورسالة مستقبلية تسعى لتشكيل أمة واحدة ذات رسالة خالدة.
(*) أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية
الدستور